قال المصنف رحمه الله تعالى:(كل من باشرَ العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال. فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لمولى أمه. فإن أعتق العبد سيده انجرّ ولاء ولده إليه، ولا يعود إلى موالي الأم بحال).
أما كون ولاء من باشر العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت الولاء له.
ولأن غيره ليس مثله في النعمة.
ولأن مقتضى الدليل أن لا ينتقل حق عن مستحقه. خولف فيمن اشترى أبا من عليهم الولاء تبعا لأمهم للحديث. فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل.
وأما كون الولاء لمولى الأم فيما إذا تزوج العبد معتقة فأولدها؛ فلأن مولى الأم هو سبب الإنعام على الولد؛ لكونه انعتق بعتق أمه.
وأما كون الولاء ينجرّ إلى سيد العبد إذا أعتقه فلما روى عبدالرحمن عن الزبير «أنه لما قدمَ خيبر رأى فتيةً لُعْساً فأعجبهُ ظرْفُهم وجمالُهم. فسألَ عنهم. فقيلَ: موالي رافع بن خديج وأبوهم مملوك لآلِ الحرقة. فاشترَى الزبيرُ أباهمْ فأعتقه، وقال لأولاده: انتسبوا إليّ فإن ولاءكمْ لي. فقال رافع: الولاءُ لي فإنهم عتقُوا بعتقي أمهم. فاحتكمُوا إلى عثمان فقضَى بالولاءِ للزبير»(١). فاجتمعت الصحابة عليه.
ولأن الانتساب إلى الأب تعذر لما كان عبداً. فإذا عتق زال ذلك. فوجب عوده؛ لزوال التعذر.
وأما كون الولاء لا يعود إلى موالي الأم بحال. والمراد بذلك: أنه إذا انقرض موالي الأب لا يرجع الولاء إلى موالي الأم بل يكون لبيت المال؛ فلأن الولاء جرى
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ٣٠٧ كتاب الولاء، باب ما جاء في جر الولاء.