قال المصنف رحمه الله:(والمسابقةُ جُعالة لكل واحد منهما فسخها. إلا أن يظهر الفضل لأحدهما فيكون له الفسخ دون صاحبه. وتنفسخ بموت أحد المتعاقدين. وقيل: هي عقد لازم ليس لأحدهما فسخها. لكنها تنفسخ بموت أحد المركوبين، وأحد الراميين. ولا تبطل بموت أحد الراكبين، ولا تلف أحد القوسين).
أما كون المسابقة جُعالة. والمراد به: أنها من العقود الجائزة؛ فلأنها عقد على ما لا يقدر على تسليمه فكان جائزاً؛ كرد الآبق. بيان أنه لا يقدر على تسليمه أنه عقد على الإصابة وهي لا تدخل تحت قدرته.
وأما كونها عقدا لازماً على قولٍ؛ فلأنها عقد من شرطه أن يكون العوض والمعوض معلومين، فكان لازماً؛ كالإجارة.
فعلى القول بالجواز لكل واحد منهما الفسخ إذا لم يظهر فضل؛ لأن ذلك شأن كل عقد جائز، وإن ظهر لأحدهما فضل؛ مثل: أن يسبقه بفرسه في بعض المسافة، أو يصيب بسهامه أكثر منه: كان لمن ظهر له الفضل الفسخ؛ لأن الحق له ولم يكن للآخر الفسخ لأنه لو جاز ذلك لفات (١) غرض المسابقة؛ لأنه متى بان له سبق صاحبه له فسخها وترك المسابقة فلا يحصل المقصود، وتنفسخ بموت أحد المتعاقدين كالوكالة والمضاربة وسائر العقود الجائزة. وعلى القول باللزوم ليس لأحدهما الفسخ لأن هذا شأن كل عقد لازم، ولا تنفسخ بموت أحد الراكبين، ولا تلف أحد القوسين لأنه لم يتلف المعقود عليه.