للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما صفة الاختبار فتختلف باختلاف الأشخاص كما بين المصنف رحمه الله لأن العرف يقتضي ذلك فوجب أن يختلف باختلاف أحواله كالحِرْز والقبض.

وأما قوله: "أن يحفظ ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة فيه" فتنبيه على أنه يضم إلى ما ذكر حفظ ما في يده عن الأمور المذكورة؛ لأن من صرف ماله فيما ذكر يعد مبذراً سفيهاً عرفاً فكذا شرعاً.

ولأن الشخص قد يحكم بسفهه بصرف ماله في المباح فَلأن يحكم بسفهه بصرف ماله في المحرمات بطريق الأولى.

وتحرير ما ذكره المصنف: أن الاختبار يحصل بأمرين:

أحدهما: عدم الغبن فيما هو متصرف فيه.

والثاني: عدم صرف ما في يده فيما يفضي إلى ضياعه.

قال: (وعنه: لا يدفع إلى الجارية مالها بعد رشدها حتى تتزوج وتلد أو تقيم في بيت الزوج سنة. ووقت الاختبار قبل البلوغ. وعنه: بعده).

أما كون الجارية لا يدفع إليها مالها حتى يوجد ما ذكره المصنف على روايةٍ فلما روي عن شريح أنه قال: «عهد إليّ عمر بن الخطاب أن لا أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولاً أو تلد ولداً». رواه سعيد في سننه. ولم يعرف له مخالف فكان إجماعاً.

والأول أصح؛ لأنها كالرجل لدخولها في عموم الآية.

ولأنها مكلفة فوجب أن يدفع إليها مالها إذا أنس منها الرشد؛ كالرجل، وكالتي دخل بها زوجها وولدت أو أقامت سنة. وحديث عمر إن صح فلم يعلم انتشاره في الصحابة فلم يترك به عموم الكتاب والقياس.

وأما كون وقت الاختبار قبل البلوغ على المذهب؛ لقوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} [النساء: ٦].

ولأن تأخير الاختبار إلى البلوغ مؤد إلى الحجر على البالغ الرشيد؛ لأنه إلى أن يختبر يمنع من ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>