ولأن ذلك تكسب فلا يجبر عليه كما لا يجبر على قبول الهبة والصدقة.
والأولى أصح لحديث سُرَّق.
فإن قيل: حديث سُرَّق منسوخ؛ لأن الحر لا يباع الآن، والبيع ثَمَّ وقع على رقبته. بدليل أن في الحديث أن غرماءه قالوا لمشتريه:«ما تصنع به؟ قال: أعتقه. قالوا: لسنا بأزهد منك في إعتاقه فأعتقوه»(١).
قيل: هذا إثبات نسخ بالاحتمال. فلا يجوز. وذلك أنه لم يثبت أن بيع الحر كان جائزاً في شريعتنا في وقت. وحَمْلُ لفظ بيعه على بيع منافعه أسهل من حمله على النسخ وأحسن.
وقول المشتري: أعتقه. يعني به من خقي عليه. ولذلك أعتقه غرماؤه أي أسقطوا دينهم عليه.
وأما قوله تعالى:{وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}[البقرة: ٢٨٠] فمحمول على من لا صنعة له جمعاً بينه وبين الحديث المتقدم، وكذا الذي أصيب في الثمار.
قال:(ولا ينفك عنه الحجر إلا بحكم حاكم. فإذا انفك عنه الحجر فلزمته ديون وحجر عليه شارك غرماءُ الحجر الأول غرماءَ الحجر الثاني. وإن كان للمفلس حق له به شاهد فأبى أن يحلف معه لم يكن لغرمائه أن يحلفوا).
أما كون المفلس لا ينفك عنه الحجر إلا بحكم حاكم؛ فلأنه ثبت بحكمه فلا ينفك إلا بحكمه كالمحجور عليه لسفه.
(١) هو تكملة لحديث سُرّق السابق ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة .. ولفظه: « ... قال: فجعل الناس يسومونه بي ويلتفت إليهم فيقول: ماذا تريدون؟ فيقولون: نريد أن نفديه منك. فقال: والله إني منكم أحق وأحوج إلى الله عز وجل اذهب فقد أعتقتك».