للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم تزَل تغلي بها مراجلُ النَّار مُذْ خلقَ اللَّهُ جهنَّم إلى يوم تُلْقى في أعناق النَّاس، فقد نجَّانا اللَّهُ تعالى من نِصفِها بإيمانِنا باللَّه العليِّ العظيم، فحُضي على طعام المسكين يا أمَّ الدَّرداء" (١).

والحضُّ: الحثُّ.

{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ}: أي: قريبٌ يَرِقُّ لِمَا ناله ويدفعه عنه أو يخفِّفه عليه.

{وَلَا طَعَامٌ}: أي: فليس له طعام {إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}: قيل: هو ما يسيل من صديد أهل النَّار وقيحهم، وكأنَّه غُسالة أجسادهم.

وقال الأخفشُ: هو فِعْلِين من الغِسْل، وهو ما يخرج من الجرح من الدَّم عند الغَسْل (٢).

* * *

(٣٧ - ٤٠) - {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧) فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}.

قوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}: أي: المذنبون الذين لا يستحقُّون المغفرة.

وقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}: ثمَّ بعدما ذكر من أهوال يوم القيامة دعاهم إلى تأمُّل ما ذكره ليعلموا أنَّه من عند اللَّه منزَّل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: {فَلَا أُقْسِمُ}.


(١) رواه أبو عبيد في "الأموال" (٩٠٢)، وابن زنجويه في "الأموال" (١٣١٤)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٢٧٤) إلى عبيد بن حميد وابن المنذر.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (٢/ ٥٤٨)، ولفظه: "وقال: {إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} جعله -واللَّه أعلم- من الغسل، وزاد الياء والنون بمنزلة: عفرين وكفرين".