للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ}؛ أي: أصول نخل، وهي جمع نخلة.

{خَاوِيَةٍ}: أي: خالية الأجواف، وهذه صفةٌ لهم بعِظَم الخِلْقة.

وقيل: معناه: أنَّ الرِّيح قطعتهم حتَّى صاروا قطعًا ضخامًا كأصول النَّخل.

والوصف بالخَواء: أنَّ الرِّيح كانت تدخل أجوافهم فتصرعُهم كالنَّخلة الخاوية.

وقيل: أراد بها البالية؛ لأنَّها إذا بليَتْ خَلَتْ أجوافُها، يقول: أبلتْهُم الرِّيح فصاروا كالنَّخيل البالية.

* * *

(٨) - {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}.

{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}: قيل: أي: مِن نفسٍ باقية.

وقيل: أي: مِن بقاء، على المصدر، كالكاذبة والخاطئة؛ أي: فهل ترى أنت أو أحد من النَّاس أحدًا بقيَ مِن نسلِ أولئك؟ أليس قد بادوا فما بقيَ أحدٌ منهم ولا مِن نسلهم؟

قال ابن جُريج: كانوا سبع ليال وثمانية أيَّام أحياءً في عذاب اللَّه تعالى من الرِّيح، فلمَّا أمسَوا اليومَ الثَّامن ماتوا، فاحتملتْهم الرِّيح فألقتهم في البحر، فذلك قول اللَّه تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}، وقوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: ٢٥].

قال: وأُخبرْتُ أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عذَّبهم بُكرةً، وكشف عنهم العذاب في اليوم الثَّامن حين كان اللَّيل" (١).


(١) رواه ابن المنذر، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٢٦٦). وإلى قوله: "مساكنهم" ذكره القرطبي في "تفسيره" (١٨/ ٢٦١).