للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: جاء رجل مِن أهل الكتاب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا محمد! إنَّ اللَّه يُمسك السماوات على إِصْبَع، والأرَضين على إِصْبَع، والجبالَ على إِصْبَع، والبحارَ على إِصْبَع، والأشجار على إِصْبَع، فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية (١).

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}؛ أي: ما عرَفوه حقَّ معرفته، ولا عظَّموه حقَّ تعظيمه مما لا يحتمله وُسْعُ الخَلْق، فهو لم يُكلِّفْهم ذلك، وإنما كلَّفَهم ما احتمله وُسْعُهم، والمُشَبِّهةُ -خذَلهم اللَّه- حيث وصَفوه بما يوصف به الخَلْق، فلم يعرِفوه المعرفة التي يحتملها وُسْعُ الخَلْق، ولا عظَّموه التعظيم الذي يحتمله وُسْعُهم (٢).

* * *

(٦٨) - {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}: أي: وقد كان نُفِخ في الصُّور قبل قَبض الأرض وطَيِّ السماوات.

{فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}: أي: فمات.

قال السُّدِّي: أي: إلا جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ وملكَ الموت، وهو في حديث مرفوع (٣).


(١) رواه البخاري في "صحيحه" (٧٤١٤)، ومسلم في "صحيحه" (٢٧٨٦).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٨/ ٧٠٤).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٥٤) عن السدي، ثم رواه عقبه مرفوعًا مطولًا من حديث أنس رضي اللَّه عنه. وفيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف.