للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن: إن للشمس في السنة ثلاثَ مئة وستين مطلِعًا، تنزِل في كلِّ يوم في مطلعٍ منها ثم لا تنزله إلى الحول، فهي تجري في تلك المنازل فهي مستقرُّها (١).

وقيل: مستقرُّها: هو الوقت الذي يَحبس اللَّه فيه الشمسَ عن الطلوع.

قوله تعالى: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}: أي: مَن تأمَّل أحوال مجيء الليل والنهار ومجاريَ الشمس علم بما يجد (٢) من دلائل الحدوث وآثار التدبير أنها مقدَّرة مدبَّرة لمدبِّرٍ عالمٍ عزيز لا يغالَب ولا يُمنع مما يريد إمضاءَه في خليقته.

* * *

(٣٩) - {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}.

وقوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}: قرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو: {والقمرُ} (٣) بالرفع على الابتداء، والباقون بالنصب (٤) بإضمارِ فعلٍ مقدَّم مقدَّر دلَّ عليه المُظهَر المؤخَّر، وهو قوله: {قَدَّرْنَاهُ}.

يقول: وفي القمر دلالةُ ذلك أيضًا؛ لأنه في مسيره لازم لطريقةٍ واحدة لا تختلف، بل ينزل كلَّ ليلةٍ منزلًا معروفًا فيقطع الفَلَك في ثمانٍ وعشرين ليلةً، ثم يستسِرُّ ثم يَطلع هلالًا، ومنازلُه ثمانية وعشرون نجمًا.

{حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}: العرجون: العِذْقُ الذي فيه الشماريخ، فإذا تقادم


(١) ذكره القرطبي في "تفسيره" (١٧/ ٤٤٥)، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٢٨٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (ر) و (ف): "علم ما يجب".
(٣) في (ر): "وسهل ويعقوب عن ورش" بدل: "والقمر".
(٤) انظر: "السبعة" (ص: ٥٤٠)، و"التيسير" (ص: ١٨٤).