للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {مُطَهَّرَةٌ} الطُّهر والطَّهارة خلافُ الدَّنَس، يقال: فلانٌ طاهرُ الثياب؛ أي: نقيٌّ عن العيب، والتَّطهُّرُ: التنزُّه عن الإثم والقبيح، والتَّطهيرُ: إثبات الطهارة.

وقرأ ابنُ مسعود رضي اللَّه عنه: (مُطهَّراتٌ) (١)؛ لأَنَّها نعتُ النِّسوة، وهنَّ (٢) جمعٌ، وقراءةُ العامة وهو الذي في مصحفِ الإمام: {مُطَهَّرَةٌ}؛ لأنَّ المسموعَ مِن العرب في نعتِ الجمع القليلِ الألفُ والتاءُ، وفي نعتِ الجمعِ الكثيرِ الهاءُ وحدها، يقال: أَحمرةٌ مُستنفِراتٌ، وحُمُرٌ مُستنفِرة، ولأنَّ الأزواجَ جمعُ زوجٍ، وهو مذكَّرٌ في اللفظ، وإنَّما صار مؤنَّثًا بالجمع للحال، فصارت كالواحدة، كقولك: بيتٌ خاوٍ (٣)، ثم تقول: بيوتٌ خاويةٌ، ولا يقال: خاوياتٌ، ونقول: دارٌ خاويةٌ، ودُورٌ خاوياتٌ، لأنَّ الواحدةَ كانت مؤنَّثة، وهذه جماعة المؤنَّثات.

وإنَّما قال: {مُطَهَّرَةٌ}، ولم يقل: طاهرة؛ لأنَّ المُطهَّرةَ أبلغُ، فإنَّ طاهرة تدلُّ على طهارتها، والمُطهَّرة تدلُّ على أنَّ اللَّهَ هو الذي مَنَّ بتطهيرها، ولأنَّ التفعيلَ للتكثير، فيدلُّ على أنواع التطهير، ولأنَّ التفعيلَ للنسبة والوصف فيدلُّ على أنَّهنَّ الموصوفاتُ بها المنسوباتُ إليها، ولأنَّها إنْ جُعلت في أوصاف نساءِ الدُّنيا دلَّت على أنَّهنَّ جُعلن كذلك (٤) في العُقبى وإنْ كنَّ غيرَ ذلك في الدُّنيا، وإنْ جُعلت في صفةِ الحُور العِين، فمعناه أنَّهنَّ خُلقنَ كذلك، وأبدًا يبقَين كذلك.


(١) نسبها الزمخشري في "الكشاف" (١/ ١٣٩) لزيد بن علي.
(٢) في (أ) و (ر): "وهي".
(٣) في النسخ: "خاوي" والمثبت هو الجادة.
(٤) في (ر): "جعلت ذلك"، وفي (ف): "جعلن لذلك".