للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكلامُ في الصلاح من حيث اللغةُ مرَّ في قوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١].

وقوله: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} دليلٌ على أن الطاعات غيرُ الإيمان؛ لأنه عطَفها على الإيمان، والعطفُ دليلُ على المغايرة، وهو ردٌّ على الشافعي رحمه اللَّه في جعلِه العملَ من الإيمان.

ثم العملُ في اللُّغة هو الفعلُ، والعَمالة: أجر العمل للعامل، والإعمالُ: الحملُ على العمل، واستعمالُ الشيء: العملُ به، والمعامَلةُ بين اثنين والتعامُل (١): التعارف، واليَعْمَلة: الناقةُ القويةُ على العمل.

و (الصالحات) نعتٌ لجمعِ اسمٍ مؤنَّثٍ محذوفٍ، وهي الخصلةُ أو الفعلةُ.

واختلف في تفسيرها:

قال عثمانُ بن عفَّانَ رضي اللَّه عنه: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: أَخلَصوا الأعمالَ، يَدلُّ عليه قولُه تعالى: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: ١١٠]؛ [أي: خالصًا] لأنَّ غيرَ الخالص لا يكون صالحًا (٢)، والمنافقُ لا يكون عملُه صالحًا؛ لأنه لا يكون خالصًا.

وقال علي بنُ أبي طالب رضي اللَّه عنه: أي: أقاموا الصلواتِ المفروضاتِ، دليلُه قولُه تعالى: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: ١٧٠] وهو كالتفسير لقوله تعالى: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: ٣٠].

وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: أي: عملوا الصالحات فيما بينهم وبين ربهم.


(١) "والتعامل": سقط من (أ).
(٢) "لأن غير الخالص لا يكون صالحًا": ليس في (أ)، ولم يرد في المصدر.