للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فِرَاشًا}: أي: بساطًا، والفَرْش: البَسْط، وهو مصدرٌ، والفراش: البساط، وهو اسمٌ لِمَا يُفرش؛ أي: يُبسط، والمرأةُ فراشُ الرجل لأنه يَستفرِشُها، قال اللَّه تعالى في أزواج الجنة: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٤].

ونظيرُ هذا الاسم للأرض في القرآن: المهدُ والمهادُ والبساط، قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [طه: ٥٣]، وقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: ٦]، وجمَع بين الفَرْش والمهدِ في آيةٍ فقال تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: ٤٨]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: ١٩]، وقال تعالى: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} [النمل: ٦١].

وقريبٌ من هذه الصفة ما قال: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠]، وقال تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: ٦]، والدَّحْوُ: البَسْط، والطَّحْو: البَسْط والتوسيع، وقال: {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: ٢٠]؛ أي: بسطت، وقال: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} [الحجر: ١٩].

وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}: معطوفٌ على الأول؛ أي: وجعَل السماء بناءً، وهي السماء (١) التي فوقنا، مشتقَّةٌ من سما يسمو سموًّا؛ أي: عَلا، وقد مرَّت وجوهه في قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: ١٩].

وهي تَصْلُح للواحدة كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} [الملك: ٥]، وللسماوات السبع كما في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: ٢٩]. فكونُها للواحد ظاهرٌ، وللجمع بطريقين:


(١) في (أ): "والسماء هي" بدل من "وهي السماء".