للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الليل إلى الليل، وذلك قبل أن نتَّخذ الكُنُف وهو قريب (١) من بيوتنا، وأَمْرُنا أمرُ العرب الأُوَل في البرية، وكنا نتأذَّى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأمُّ مسطحٍ -وهي بنت أبي رُهْمِ (٢) بن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر (٣) بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، خالة أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، وأم أبي بكر أمُّ الخير بنتُ صخر بن عامر بن عمرو، وابنُها مِسطح بن أُثاثةَ بنِ عَبَّاد بن المطلب (٤) - بن عبد منافٍ، فأقبلتُ أنا وأمُّ مسطحٍ قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثَرتْ أمُّ مسطح في مِرْطِها، فقالت: تَعِسَ مسطحٌ، فقلتُ لها: بئس ما قلت، أتسبِّين رجلًا شهد بدرًا؟! فقالت: أيْ هَنْتاه! أولم تسمعي ما قال؟ قالت: قلتُ: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازدَدْتُ مرضًا على مرضي، فلما رجعتُ إلى بيتي دخل عليَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: "كيف تيكُم" فقلت له: أتأذنُ لي أنْ آتيَ أبويَّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقِنَ الخبر من قبَلهما، فأذِنَ لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجئتُ أبويَّ فقلتُ لأمي: أي أمَّاه! ماذا يتحدَّث الناس؟ فقالت: أي بنيَّةُ هوِّني عليك، فواللَّه ما كانت امرأةٌ قط وضيئةٌ عند رجل يحبُّها لها ضرائرُ إلا أكثرنَ عليها، قلتُ: فقلتُ: سبحان اللَّه! ولقد تحدَّث الناس بهذا؟! قالت: فبكيتُ تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأُ لي دمعٌ ولا أكتحلُ بنوم، قالت: ثم أصبحت أبكي.

ودعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وأسامة بن زيد حين استَلْبَثَ الوحي يستشيرهما في فراق أهله، قالت: أمَّا أسامة فأشار على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) "وهو قريب" كذا في النسخ، وفي الصحيحين و"المسند" بدلًا منها: (قريبًا).
(٢) في (ر): "زينب ابنة رهم".
(٣) في جميع النسخ: "وأمها أم صخر بنت عامر" والمثبت من الصحيحين و"المسند".
(٤) في (أ): "بن عبد المطلب" في (ف): "بن عباد بن عبد المطلب" بدل: "بن عباد بن المطلب".