للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الفرَّاء: هو كما تقول في الكلام: ما عرفتُ لفلانٍ قَدْرهُ (١).

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ}: على خَلْق ما يشاء من صغيرٍ وكبيرٍ {عَزِيزٌ}؛ أي: منيع (٢) لا يقدر أحدٌ أن يسلب من ملكه شيئًا.

وقيل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ}؛ أي: بيِّن مثل لعبادة الكفار الأصنامَ، ثم لم يبيِّنه في هذه السورة، وبيِّن في قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: ٤١].

وقيل: ما ذكر هاهنا مَثَلٌ أيضًا تقديره: يا أيها الناس مَثَلُكم مَثَلُ مَن عبَد آلهةً اجتمعت لأنْ تخلقَ ذبابًا فلم تقدر عليه، وإنْ سلَبها الذباب شيئًا لم تستنقذه منه (٣).

* * *

(٧٥) - {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.

وقوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}: أي: يختار منهم رسلًا يُوحي على ألسنتهم كجبريل وميكائيل ونحوهما.

{وَمِنَ النَّاسِ} أيضًا رسلًا، منهم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لتبليغ ما في هذه السورة وسائر رسالاته.

{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}: عالمٌ بكلِّ شيء، فهو يعلم مواضع الاختيار والاصطفاء، قال تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدخان: ٣٢].

* * *

(٧٦) - {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٣٠).
(٢) في (ف): "ممتنع".
(٣) في (أ): "فسلبها الذباب شيئًا فلم يستنقذوه منه"، بدل: "وإن سلبها الذباب شيئًا لم تستنقذه منه".