للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد وقتادة: أي: متعبَّدًا في إراقة الدم بمنًى وغيره (١).

وقيل: هو جمع العبادات، وأصل النُّسُك: العبادةُ، والناسك: العابد، والمتنسِّك: المتعبِّد. ويطلق (٢) على الحج لأنه منها، وعلى القربان كذلك لذلك.

قيل: لمَّا نبَّه اللَّه تعالى على قدرته وعلمه، وعلى أنه الإله الحقُّ، ووعد قبل ذلك مَن جاهد في دينه النصرَ (٣) بعد أن أذن لهم في القتال وأمرهم بالهجرة = أمر رسولَه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجدِّ (٤) في الدعاء إلى الدين، وعرَّفه وجه معاملتهم والاحتجاجِ عليهم، فقال: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}؛ أي: شَرَعْنا لكلِّ أمة خلت (٥) ضربًا من العبادة هم متنسِّكون به مأخوذون (٦) عليه، وهو كما قال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨].

وقوله تعالى: {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ}: أي: فليس لأحد من بقايا تلك الأمم منازعتُك (٧) {فِي الْأَمْرِ}؛ أي: فيما تَأمر به أمتَك من الشرائع؛ إذ قد كانت لهم شرائع يخالفُ بعضها بعضًا، فكذا هذه الشريعة، فإنْ خالفْتَ تلك الشرائع فليس لهم منازعتُك فيها.

وقوله تعالى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ}: أي: إلى دينِ ربك {إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: دلالةٍ على سبيلِ رشدٍ.


(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٦٢٦ - ٦٢٧). ورواه عن قتادة أيضًا عبد الرزاق في "تفسيره" (١٩٤٩).
(٢) في (ف): "وهو مطلق".
(٣) في (أ): "بالنصر"، وفي (ف): "له النصر".
(٤) في (ر) و (ف): "يأخذ".
(٥) في (ر): "لكل منهم".
(٦) في (أ): "ماضون"، وفي (ف): "ما موصول".
(٧) في (أ): "فليس أحد. . . ينازعك".