فانطلَقوا حتى انتهوا إلى الكهف، فوجدوا كلبهم باسطًا ذراعيه بالوصيد، قالوا: هذا الكلب أيضًا من علاماتكم التي كان يحدِّثنا عنها عيسى عليه السلام، وقد كان يحدِّث أنه لا يَنظر إليهم أحد مِن خلق اللَّه من يومِ يدخلون الكهف إلى أن ينزل عيسى، إلا إلى رجل منهم وهو الذي يدل على مكانهم وأنت هو، فدخل على أصحابه فأخبرهم بما رأى وسمع ثم كان آخِرَ العهد منهم.
وائتمر الناسُ فيهم وتنازَعوا، حتى اجتمعوا أن يتَّخذوا عليهم مسجدًا يَبنونه حول الكهف، ويجعلون الكهف وسطه، ويكتبون قصتهم في حيطانه، فذلك قوله:{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}.
قال وهب: وبلغني أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إن اللَّه تعالى يُنشِر أصحاب الكهف عند نزول عيسى عليه السلام ويُخرجهم من كهفهم"(١).
وقوله تعالى:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ}: أي: كانوا عجبًا حين التَجؤوا إلى الكهف فرارًا بدينهم.
{فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}: أي: أعطِنا من عندك رحمة {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} الرَّشَد: إصابةُ الطريق المؤدِّي إلى البُغية، وكذا الرُّشْد والرَّشاد، وصَرْفه من باب دخل وعلم جميعًا.