للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: دعا رجلٌ من الصحابة باسم اللَّه، ودعاه ثانيًا باسم الرحمن، فسمعه أبو جهل لعنه اللَّه: نهيتُمونا عما تتعاطَونه (١).

وقوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا}: هذا شرطٌ، ولذلك جُزم وحُذف النون.

وقوله تعالى: {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}: أي: التسميات الدالةُ على الصفات، بأيِّ اسم دُعي به فهو واحد، وليس اختلافُ الأسماء لاختلاف المسمَّى.

وقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}: أي: بدعائك، كما قال: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣]؛ أي: ليكن دعاؤك (٢) اللَّهَ بين الجهر الشديد والمخافتة الشديدة، وذلك بأن تُسمعَ نفسك ويَفهَمَ عنك مَن يَقرُب منك، فيؤمِّنَ على دعائك أو (٣) يقتديَ بك فيه، وهو تعليم أدب الدعاء (٤)، وهو أوفق للنظم.

وقيل: هو عين الصلاة المعهودة، ومعناه: لا تجهر بالقراءة في صلاتك كلَّ الجهر {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} كلَّ المخافتة، وهي خفضُ الصوت، وكان هذا بمكة؛ لأن المشركين لعنهم اللَّه كانوا يُؤْذُونه إذا جهر، ولا يُسمعُ مَن خلفه إذا خافَتَ، وهذا عن ابن عباس وقتادة رضي اللَّه عنهم (٥).

وقال الحسن: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} بإشاعتها عند مَن يؤذيك، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عند مَن يَلتمِسها منك (٦).


(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٥٥٥).
(٢) في (ر): "دعاؤكم".
(٣) في (أ): "أي".
(٤) لي (ر): "وهو تعليم للدعاء".
(٥) رواه البخاري (٤٧٢٢)، ومسلم (٤٤٦)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٢٩)، عن ابن عباس. ورواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٣٣) عن قتادة.
(٦) لم أجده عنه هكذا، وقد روي عنه قول آخر سيأتي قريبًا.