للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ممتَّعون في الأرض إلى الموت فتُفارِقوا الدنيا وتُنقلوا إلى الآخرة للحساب والجزاء، فإذا جاء ما (١) وعدنا من البعث حشرناكم مختلِطين من قبائل شتَّى وبلدانٍ مختلفة.

وقيل: أراد به: جميعًا لا نغادر منهم أحدًا.

وقيل: أراد به اختلاط الناس بعضِهم ببعض لفزعِ القيامة؛ العربِ بالعجم، والجنسِ بخلاف الجنس، بلا نظامٍ لاجتماعهم؛ كما قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: ٧].

وروى صفوانُ بن عسَّالٍ المراديُّ: أن يهوديَّين مرَّا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألاه عن هذه الآية، فقال: "أوحَى اللَّه تعالى إلى موسى أن قلْ لبني إسرائيل: لا تشركوا بي شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، ولا تَزْنوا، ولا تأكلوا الربا، ولا تشربوا الخمر، ولا تسحروا، ولا تسرقوا، ولا تَقذفوا، وعليكم خاصةً يا أيها اليهود ألا تَعْدُوا في السبت، فجاءا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقبَّلا رِجلي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)، فقالا: نشهد أنك نبيٌّ مبعوث، قال: "فما يمنعُكما عن الإيمان بي؟ "، قالا: نخاف أن يقتلنا اليهود (٣).

* * *

(١٠٥) - {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ}: أي: القرآن، وقد سبق ذكره في آيات أنزلناها بالحق لا بالباطل، وبيانًا للحق.

وقوله: {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}: أي: كما أنزلناه لم يبدِّله جبريل ولا حرَّف شيئًا منه.


(١) "ما" ليس من (أ).
(٢) في (ف): "فقبلا رجله".
(٣) رواه الترمذي (٢٧٣٣) و (٣١٤٤)، والنسائي (٤٠٧٨)، وقال الترمذي: حسن صحيح.