للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧) - {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}.

وقوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}: أخبر أن مسألتَه إياهم ليست بمسألةِ استخبارٍ ولا (١) استعلام، إنما هي مسألةُ تقريعٍ وتقريرِ إجرام، بأنْ يقولَ لهم: ألم أفعل بكم كذا؛ كما قال:، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ} [الأنعام: ١٣٠] {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} [يس: ٦٠].

وفي الخبر: يقول اللَّه لهم: "ألم أجعلْ لك سمعًا وبصرًا، ألم أجعلْ لك مالًا وولدًا" (٢)، وهذا اقتصاصُ ما كان منه جلَّ جلاله إليهم، يقول: فلنُخبرنَّهم بما كان منهم بعلمٍ منَّا بجميعهم (٣)، إذلم نكن عنها غائبين فتخفى علينا، بل كنَّا شاهدِين ذلك كلَّه.

وقوله: {بِعِلْمٍ} فيه إثبات العلم للَّه تعالى، وهو حجتُنا على المعتزلة النُّفاةِ للصفات.

وما ذكر في بعض الآيات من نفي السؤال؛ من قوله: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٣٩]، وقولِه: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: ٧٨]، وأثبتَها في هذه الآية، وفي قوله جل وعلا: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٩٢]، فلا تناقُضَ بينهما، بل في القيامة مقاماتٌ؛ في بعضها لا يُسألون وفي بعضها يُسألون، ولأنهم لا يُسألون سؤالَ استعلام ويُسألون سؤالَ توبيخٍ، ولأنهم لا يُسألون: ما فعلتُم؟ ويسألون: لمَ فعلتُم؟ وبأي نيةٍ فعلتُم؟ ولأنهم يُسألون في موضع الحساب، ثم ينقطعُ بعد ذلك فلا يُسألون بعد وقوعهم في العقاب (٤).


(١) "لا" من (ف).
(٢) رواه البخاري (٣٥٩٥)، والترمذي (٢٩٥٣) واللفظ له، من حديث عدي بن حاتم رضي اللَّه عنه.
(٣) "بجميعهم" ليس في (ف).
(٤) في (ر): "العذاب".