للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ} [الأعراف: ١١]، وقوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} [مريم: ٦٩]، وقوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٧].

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: جعلَ اللَّهُ تعالى للامتحانِ أجلًا، وللامتنانِ أجلًا، فأجَلُ الامتحانِ في الدُّنيا، وأجلُ الامتنانِ في العُقبى.

قال: ويُقال: ضربَ للطَّلبِ أجلًا، وهو وقتُ المهلة، ثمَّ عقَّبهُ بأجلٍ بعدَهُ، وهو وقتُ الوصلة، فالمهلةُ لها مدًى ومنتهى، والوصلةُ بلا مدًى ولا مُنْتهى (١).

* * *

(٣) - {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ}.

وقوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} قال أبو روق: هو معبودٌ في السَّماواتِ، ومعبودٌ في الأرض.

وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: هو إلهٌ واحدٌ في السَّماوات وفي الأرض، لا شريكَ له، وهو كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤].

وقيل: أي: هو المستحِقُّ للعبادة في السَّماوات وفي الأرض، وذلك بشهادةِ السَّموات والأرض له بالإلهيَّة، كما قال تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحشر: ١]، فلا يُبطِل إلهيَّتَه إنكارُ مَن أنكرها.

وقيل: أي: هو المنفردُ بالتَّدبير فيهما، وهو كما يُقال: فلانٌ هو الملِكُ في بلد كذا وبلد كذا، لا يُرادُ به أنَّه فيهما بالذَّاتِ، بل بالملك والتَّدبير.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٤٦٠).