للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث الكلبي: فلمَّا أكلوا منها، ورَجعوا إلى قُراهُم ومنازلِهم، ونَشروا هذا الحديثَ، ضحكَ الذين لم يشهدوها، وقالوا: ويحكم، إنَّما سحرَ أعينُكم. فمَن أرادَ اللَّه به (١) الخيرَ يُثبِّتهُ على بصيرتِه، ومَن أرادَ فتنتَهُ، رجعَ إلى كفرِه، فمُسِخوا خنازيرَ، ومكثوا ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ هلكوا (٢).

وقال ابنُ عمر (٣) رضي اللَّه عنهما: أشدُّ النَّاس عذابًا يومَ القيامة ثلاثة: آلُ فرعون، ومِن كفر من أصحاب المائدة والمنافقون.

ومن أهل النَّظم (٤) مَن قال: لمَّا قال اللَّهُ تعالى: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، قال عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية، وله وجهٌ آخرُ نَذكرُه في موضعِه إنْ شاءَ اللَّه.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قيل: إنَّ قومًا مِن غيرِ الحواريين سَألوا الحوارييِّن أنْ يَسألوا عيسى أنْ يسألَ ربَّه ذلك؛ لأنَّهم خواصُّه، وهو كمَن كان له إلى السُّلطان حاجةٌ، فيَرجِعُ إلى خواصِّهِ ليَرفعوه إليه.

وقيل: إنَّ الحواريِّين سألوا ذلك، ولكن له وجوهٌ:

أحدها: ما ذكرنا أنَّهم أرادوا الطُّمأنينةَ.

والثاني: أنَّ عيسى عليه السَّلام أخبرَهم أنَّ لهم منزلةً عند اللَّه تعالى، فأحبُّوا أنْ يَعرِفوا ذلك بالإجابة.

والثالث: أنَّهم أحبُّوا أنْ يَعلموا به منزلةَ عيسى عليه السَّلام عند اللَّه (٥).


(١) في (ف): "له".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٢٨).
(٣) كذا في النسخ الخطية، والصواب أنه قول عبد اللَّه بن عمرو، أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" (٨/ ١٣٢)، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٦٠٤ - ٦٠٥).
(٤) في (ف): "النظر".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٦٤٩ - ٦٥٠).