للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تتلاشى الجملةُ؛ فالملائكة يقولون: (ما عبدناك حق عبادتك)، والأنبياء يقولون: {لَا عِلْمَ لَنَا} (١).

* * *

(١١٠) - {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}.

وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ}؛ أي: يُعدِّدُ اللَّهُ على عيسى يومئذٍ نِعَمَه، فيمِرُّ بذلك كلِّه، ويَتبيَّنُ بذلك بُطلانُ قولِ النَّصارى في اتِّخاذِه واتخاذِ أمِّه إلهين.

والنِّعمةُ اسمُ جنسٍ أُريدَ بها الجمعُ؛ فإنَّه ذكرَ بعده أعدادَ نعمِ اللَّه تعالى، والنِّعمةُ عليه ما ذَكرَ في أوَّل (٢) هذه الآية وفي غيرها، وفي حقِّ والدتِه ما ذَكرَ في سورة آل عمران: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} الآيات [آل عمران: ٣٧].

ودلَّت الآيةُ على أنَّ الشُّكر يَجِبُ على الولد بنِعَم الوالدَين؛ لأنَّ النعمةَ عليهما نعمةٌ عليه.

وقوله تعالى: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ}؛ أي: قوَّيتُك بجبريلَ عليه السلَّام.

وقيل: أي بالاسم الأعظم، وقد فسَّرناه في سورة البقرة على الكشف.

وقوله تعالى: {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ} وهو ما قال: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ} الآية [مريم: ٣٠].


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٥٣ - ٤٥٤).
(٢) لفظ: "أول" ليس في (أ).