للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ}؛ أي: يَمنعَكُم عن ذلك، فمِن إيقاع العداوةِ والبغضاء ما رَوينا في حديث سعد بن أبي وقَّاص وضَرْبِ الأنصاريِّ أنفَه (١).

ورويَ أنَّ قبيلتين مِن الأنصارِ شَرِبوا حتَّى ثَمِلوا، فعبثَ بعضُهم ببعضٍ، فلمَّا أفاقوا رأوا الآثارَ في وجوهِهم ولحاهُم، فقال بعضُهم: لو لم يَكن لفلانٍ عليَّ ضغنٌ، لما فعل بي هذا، وقال آخرون: مثلَ ذلك، حتى كادَ يَهيجُ بينهم هَيْجٌ، فنَزلت الآيةُ (٢).

وقال قتادة: كان الرَّجلُ في الجاهليَّةِ يُقامر على أهلِه وماله، فيبقى حزينًا (٣) سليبًا، يَنظرُ إلى مالِهِ في يد غيرِه، فكان يَقعُ بينهم عداوةٌ وبغضاءُ، فنزلَتِ الآيةُ في ذلك (٤).

وقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} استفهامٌ بمعنى الأمر؛ أي: انتهوا، دلَّتِ الآية على تحريم الخمرِ قطعًا من عشرة أوجه:

أحدُها: أنَّه قرنَها بالميسِر، وذاك حرامٌ، فكذا ما قرنَ به.

والثَّاني: أنَّه قرنَها بالأنْصابِ، وهي كذلك.

والثَّالث: أنَّه قرنَها بالأزلام، وهي كذلك.


(١) سلف قريبًا عند تفسير الآية (٩٠) من هذه السورة.
(٢) أخرجه النسائي في "الكبرى" (١١٠٨٦)، والطبري في "تفسيره" (٨/ ٦٦٠ - ٦٦١) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) في (ف) و"ذم الملاهي" لابن أبي الدنيا، "تفسير الطبري"، و"الدر المنثور" (٥/ ٤٧٧): "حزينًا"، والمثبت من (أ) و (ر)، وهو الذي رجحه العلامة محمود شاكر -رحمه اللَّه- في تعليقه على "تفسير الطبري" (١٠/ ٥٧٣)، فقال: حرب الرجل ماله، فهو محروب وحريب: إذا أخذ حريبته، وهو ماله الذي يعيش به، وتركه بلا شيء.
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (١١٣)، والطبري في "تفسيره" (٨/ ٦٦٢).