للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٩) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}:

قرأ عاصم وحمزة والكسائي؛ {تِجَارَةً} نصبٌ، على أن الأموال اسمُ (كان) و {تِجَارَةً} خبرٌ له، وهي مصدز بمعنى المفعول به، وقرأ الباقون بالرفع (١) على أن قوله: {تِجَارَةً} مرفوعةٌ بـ (كان)، ومعناه: إلا أن تقع تجارةٌ، كما في قوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].

وهذه الآيةُ متَّصلةٌ بما قبلها من آيات (٢) حفظِ أموال اليتامى والنساء والسفهاء عليهم، وإيصالِ المواريث إلى مستحِقِّها (٣)، وتركِ استردادِ مهورِ النساء، وفي هذه نهيٌ عن أخذ أموال الناس بالباطل؛ أي: لا يأكلْ بعضُكم مال بعضٍ على الوجه الذي لم يأمر اللَّه تعالى به ولا أباحه، فإنه باطلٌ ليس بحقٍّ، وهو كالغصب والسرقة والقمار والربا والعقود الفاسدة والرشوة ونحوها.

والمراد من الأكل: الأخذ؛ لِمَا مر في سورة البقرة.

وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} هذا استثناءٌ منقطِع بمعنى: لكن؛ أي: لكن إذا كانت تجارة عن تراضي العاقدين بها فكلوا، ويلتحق بها أسبابُ الملك المشروعة كالهبة والصدقة والإرث والعقود الجائزة؛ لخروجها عن الباطل.


(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٣١)، و"التيسير" (ص: ٩٥).
(٢) في (أ) و (ف): "متصلة بآيات".
(٣) في (أ): "مستحقيها".