للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المَثَل للمُخلِص والمنافق، وللمنفِق في سبيل اللَّه تعالى والمنفِق في الباطل؛ هؤلاء يحصل لهم الخَلَفُ والشَّرفُ، وهؤلاء لا يَحصل لهم إلَّا السَّرف والتَّلف (١)، وهؤلاء ضلَّ سعيُهم وهؤلاء شُكر سعيهم، وهؤلاء تَزكُو أعمالهم وهؤلاء حبِطت أعمالهم، وخسرت أحوالُهم، وختم بالسوء آمالهم، ويُضاعَف عليهم وبالُهم.

ويقال: مَثَل هؤلاء كالذي أَنبت زرعًا؛ فزكا أصلُه ونما فصلُه وعلا فرعُه وكثر نفعُه، ومثَل هؤلاء كالذي خسرت صفقتُه وسُرقت بضاعتُه وضاعت (٢) على كِبَر سنِّه حيلته (٣)، وتواترت (٤) مِن كلِّ وجهٍ محنتُه، هل يستويان مثلًا؟ وهل يتقاربان شَبَهًا (٥).

* * *

(٢٦٧) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}: أي: ممَّا يُستطاب مِن أكسابكم، ومنهم مَن حمَلها على الحلالات، لكنَّ ما بعده -وهو قوله: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} والخبيث هو الرديء المُستخبَث- يدلُّ على أنَّ الأَولى صرفُه إلى ما قلنا.


(١) في (ف): "وهؤلاء يَحصل لهم السَّرف والتَلف"، وعبارة "اللطائف": (وهؤلاء لا يحصل لهم في الحال إلا الردّ، وفي المآل إلا التلف).
(٢) في (أ): "وضاقت". والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٣) في (ر) و (ف): "غلته"، وفي (أ): "علته"، والمثبت من "اللطائف".
(٤) في (ف): "وتوافرت". والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٥) بعدها في (ر): "وعملًا"، والمثبت موافق لما في "اللطائف". وانظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٠٥ - ٢٠٦).