للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي أنَّ نجدةَ الحروريَّ كتبَ إلى ابن عمر رضي اللَّه عنهما يسألُه: هل قطعَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الرِّجلَ بعدَ اليدِ في السَّرقة، فقال: لولا هذه الآية -وتلا قولَه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} - ما كتبت إليه، ثمَّ كتبَ إليه أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قطعَ الرِّجلَ بعد اليدِ (١).

وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: إنَّ الناسَ يقولون: أكثرَ أبو هريرة، واللَّه، لولا آيتانِ من كتاب اللَّه ما حدَّثتُ حديثًا، وتلا هاتين الآيتين: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا} إلى قوله: {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢).

فهؤلاء جعلوا الآيةَ عامَّةً، ويجوزُ أن يكون نزولها في سبب خاص (٣)، ثمَّ ثبتَ حكمُه على العموم في كلِّ مَن دخلَ تحتَه.

ثمَّ لَعْنُ اللَّه: طردُه وإبعادُه، ولعنُ اللاعنين: دعاؤهم باللَّعن، وهو كقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]، فصلاةُ اللَّه عليه هي رحمتُه، وصلاةُ الملائكة والمؤمنين: دعاؤهم بالرَّحمةِ له (٤).

وقال القفَّال: يجوزُ أن يكون معنى هذا (٥): يتبرَّأ (٦) اللَّهُ تعالى منهم، ويتبرَّأ منهم الملائكة والمؤمنون، فهم اللاعنون.


(١) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٨٢٦٨) دون ذكر استشهاد ابن عمر رضي اللَّه عنهما بالآية.
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" (١١٨).
(٣) في (ر): "لها على الخصوص"، وفي (ف): "لنزولها سبب خاص" بدل: "نزولها في سبب خاص".
(٤) قوله: "وصلاة الملائكة والمؤمنين دعاؤهم بالرحمة له" من (أ).
(٥) في (ر): "معنى اللعن" بدل: "معنى هذا"، وليست في (ف).
(٦) بعدها في (ف): "إلى".