للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم.

المسألة الثانية: أنا إذا قلنا: إنه أراد بالمعمول المنصوبَ فقط، وأنْ لابد من أن يكون سببياً فيُشْكل ذلك بما ذَكر في (التَّسهيل) من أن مَعمول الصفة أعمُّ من ذلك، إذ جَعل من مَعمولاته الضميرَ، نحو: مررتُ برجلٍ حَسَنِ الوجهِ جَمِيله، وبالرجلِ الحَسَنِ الوجهِ الجَميلهِ، ولم يجعله سببياً، بل جعله قسيماً له (١). وهو عنده مما يَعمل فيه النصبَ والجرَّ على تفصيلٍ مذكورٍ هنالك.

وهذا السؤال سَهْلُ؛ فإن مدلول الضمير من سبب الأولِ، ولو أظهرتَه لظهر (وَجْهُه) كما لو قلت: الحِسِنِ الوجه، الجميل الوجهِ، وما أشبه ذلك، كما كان الموصول سَبَبِيَّا، نحو: مررتُ برجلٍ حَسَنِ ما بَيْنَ العَيْنَيْن، عَظيمِ ما بين الجَنْبَيْن، ومنه قولُ ابن أبي رَبِيعة (٢):

أَسِيلاَتُ أَبْدانٍ دِقَاقٍ خُصورُهَا

وَثِيراتُ ما الْتَفَّتْ عليه المَلاَحِفُ

فقوله: ((وَثيراتُ ما الْتَفَّتْ)) في تقدير: وَثِيرات الجُسوم، أو نحو ذلك.

فإن قلت: فهل ذلك داخلٌ تحت ضابطه الآتي إثْر هذا؟ لا، بل سَكت عن ذلك كما سكت عن عمل اسم الفاعل فيه، لكن الظاهرَ على مذهب سيبويه


(١) التسهيل: ١٤٠.
(٢) ديوانه ٢٥٤ (بيروت ١٣٩٨ هـ) بهذه الرواية.
وروايته في الأشموني ٣/ ٦، والتصريح ٢/ ٨٦، والعيني ٣/ ٦٢٩، ومعجم شواهد العربية ١٥٥ ((ما التَفَّتْ عليه المآزرُ)) وأسيلات: جمع أسيلة، والأسيل: الأملس المستوي ويقال: خد أسيل، إذا كان سهلا لينا. والخصور: جمع خَصْر، وهو وسط الإنسان المستدق فوق الوركين. والوثير: الوطيء اللين، وامرأة وثيرة العجيزة: وطيئتها ضخمتها. واللِحاف والمِلحف والمِلحفة: اللباس الذي فوق سائر اللباس من دثار البرد وغيره- يصف هؤلاء النسوة بنعومة الأبدان وملاستها وطولها، وبضمور الخصور، وعظم الأرداف.

<<  <  ج: ص:  >  >>