للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منصوبا، وهذا ليس بصحيح بأمرين:

أحدهما: أن ما سوى التالي قد يكون فاعلاً فيجب رفعه، نحو: هذا ضاربٌ زيداً أبوه، ومررتُ برجلٍ مُكْرِمٍ عمراً أخوه، وهو قد قال: إنه لِنَصْب ما سوى التَّالي مُقْتَضٍ، وذلك غير صادق.

الآخر: أنه قَرَّر في ((باب الإضافة (١))) جوازَ الفصل بين المضافُ والمضاف إليه بالمفعول في ((اسم الفاعل)) إذا قلت: هذا مُعْطِي درهماً زيدٍ، كما قُرِئ- {فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ (٢)} وقد تقدم ذلك، فلا يستقيم إطلاق القول بأنه مقتضٍ لنصب ما سواه.

والثالث: أن التزامه لانتصاب ما سوى التالي بفعلٍ مضْمرٍ يقتضي أن يكون مطلوبُ اسم الفاعل محذوفا، وإذا كان كذلك فاسم الفاعل من باب ((أَعْطَى)) لا يلزم فيه محظور.

فإذا قلت: هذا مُعْطِي زيدٍ أمسِ درهماً، فجعلت ((درهماً)) مفعولاً لفعل مُضْمر صَحَّ ذلك، سواءٌ أقَدَّرت حذفَ مفعولِ اسم الفاعل اختصاراً أم اقتصارا (٣).

/ وأما في باب ((ظَنَّ))، فمذهبه فيه مشكل جدا، فإنك إذا قلت: هذا ظَانُّ زيدٍ ... ٤٥٧ شاخصاً أمسِ- لا يخلو أن يكون العامل في ((شاخصاً)) ((ظانُ)) أو غيرَه.

فإن كان هو العامَل فقد أعملتهَ بمعنى الماضي، وهو مناقض لما الْتَزم.


(١) انظر: ص ١٧٥.
(٢) البحر المحيط (٥/ ٤٣٩) قال: ((وهو كقراءة- {قتل أولادَهم شركائِهم}.
(٣) الحذف اختصارا: هو ما كان لدليل، واقتصارا: ما كان لغير دليل (وانظر الهمع ٢/ ٢٢٤، ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>