للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمكن منه أم لا، فيه خلاف؛ وصحح ابن الصلاح الوجوب وتبعه النووي في مناسكه، وعند المالكية: أنَّ من خرج من عرفة قبل الغروب ولم يعد إليها حتى طلع الفجر من ليلة النحر فاته الحجُّ، وَإِنْ عَادَ فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَلا دَمَ، لأنه جمع بين الليل والنهار، وَكَذَا إِنْ عَادَ لَيْلًا فِي الأَصَحِّ، لما قلناه وصحح في شرح المهذب القطع به، والثانى: يجب؛ لأن الوارد هو الجمع بين آخر النهار وأول الليل، وَلَوْ وَقَفُواْ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا، أي بأن غُمُّ هلالُ ذي الحجة فأكملوا عدة ذي القعدة ثم قامت بيّنة على رؤيته ليلة الثلاثين، أَجْزَأَهُمْ، بالاتفاق، ولأَنه لا يُؤْمَنُ وقوع مثله في القضاء، إِلَّا أَن يَقِلُّواْ عَلى خِلَافِ الْعَادَةِ فَيَقْضُون فِي الأَصَحِّ، لانتفاء المشقة العامة، والثاني: لا قضاء؛ لأنهم لم يأمنوا مثله في القضاء، وَإِنْ وَقَفُواْ فِي الثَّامِنِ وَعَلِمُواْ قَبْلَ الْوُقُوفِ، فوت الوقت، وَجَبَ الوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ، تداركًا له، وَإِنْ عَلِمُواْ بَعْدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الأَصَحِّ، أي بخلاف الغلط في التأخير، لأن تأخير العبادة عن الوقت أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه.

فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ، للاتباع (١١١٧) والمرادُ المكث بها وإن لم ينم، ويستحب الإكثار في هذه الليلة من التلاوة والذكر والدعاء والصلاة، وَمَنْ دَفَعَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أي بعذر وغيره، أَوْ قَبْلَهُ وَعَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أما في الأُولى: فلأَنَّ سودة وأُم سلمة أفاضتا في النصف الأخير بإذنه - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمرهما بالدم؛


= ص ٤١٩. وقال: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْيًا؛ فَلَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ. وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نُسُكًا، فَهُوَ يَكُونُ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُ النُّسُكِ. والبيهقى في السنن الكبرى: باب من ترك شيئًا من الرمى: الحديث (٩٧٨٦).
(١١١٧) لحديث جابر في الحج وغيره، ثم لحديث عبد الرحمن بن يعمر الديلى - رضي الله عنه - السالف، قال: شَهِدْتُ النَّبِيَّ بِعَرَفَةَ وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ نَجْدٍ، فَأَمَرُوا رَجُلًا فَسَأَلَهُ عَنِ الحَجِّ؛ فَقَالَ: [الْحَجُّ عَرَفَةُ؛ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جُمْعٍ قَبْلَ صلاة الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ. أَيَّامُ مِنَى ثَلَاثُ أَيَّامٍ؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فلا إِثْمَ عَليْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فلا إِثمَ عَلَيْهِ]. ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا فَجَعَلَ يُنَادِي بِهَا فِى النَّاسِ. وقد تقدم في الرقم (١١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>