للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بكاء الناس بعرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل واحد فسألوه دانقًا أكان يردهم؟ فقالوا: لا والله فقال: واللهِ للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل بدانق. وينبغى ألا يشتغل في ذلك اليوم بغير الله تعالى، ورأى سالم بن عمر - رضي الله عنه - سائلًا يسأل الناس فقال: يَا عَاجِزُ أَيُسْأَلُ فِي هَذَا الْيَوْمِ غَيْرُ اللهِ تَعَالَى. وصحَّ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَعْتِقَ الله فِيْهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِن يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلًائِكَةَ] (١١١٠).

فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَصَدُوأ مُزْدَلِفَةَ؛ وَأَخرُوا الْمَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ جَمْعًا، للاتباع (١١١١) ويكون قبلَ حَطِّ الرِّحَالِ بها إنْ تَيَسَّرَ، ونصَّ الشافعى رَحِمَهُ اللهُ في الأُم والإملاءِ على أنه لو خاف فوت وقت الاختيار جمع في الطريق وتابعه جماعات، قال في شرح المهذب: ولعل إطلاق الأكثرين يحمل عليه، وهذا الجمع بسبب السفر لا النسك كما تقدم في عرفة.

فَائِدَةٌ: قال صاحب الخصال: يقول عند منصرفه من عرفة: [اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَقْبَلْتُ وَمِنْ عَذَابِكَ أَشْفَقْتُ، اللَّهُمَّ اقْبَلْ نُسُكِي وَأَعْظِمْ أَجْرِي] وقال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: إذا أفضت من عرفة فهلِّلْ وَكَبِّرْ وَلَبِّ وَقُلْ: [اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَفَضْتُ وَإِلَيْكَ رَغِبْتُ وَمِنْكَ


(١١١٠) رواه النسائى في السنن: كتاب المناسك: باب ما ذكر في يوم عرفة: ج ٥ ص ٢٥١ - ٢٥٢. ومسلم في الصحيح: باب فضل الحج والعمرة: الحديث (٤٣٦/ ١٣٤٨). وإسناده عن عائشة رضى الله عنها.
(١١١١) • لحديث أبى أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -؛ (أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بالْمُزْدلِفَةِ). رواه البخاري في الصحيح: باب من جمع بينهما: الحديث (١٦٧٤)، ومن رواية ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: (جَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ. كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا بِإِقَامَةٍ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، ولا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا). رواه البخارى: الحديث (١٦٧٣).
• أما دليل التأخير؛ فلحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -؛ قال: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلًاةً إلَّا لِمِيْقَاتِهَا إِلَّا صَلَاتَيْنِ صَلاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيْقَاتِهَا) رواه مسلم في الصحيح: الحديث (٢٩٢/ ١٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>