للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثالث: أن الأمر فيه إلى خيرة الإمام، ولا استحباب فيه.

وَلاَ يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ، لأنَّ نَفْسَهُ مُستَوْفَاةٌ، وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفرِطَيْنِ، كذلك أيضًا، وَقِيلَ: يُؤَخرُ إِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ، لأنه ربما رَجَعَ في أثناء الرمي فَيَعِيْنُ ذلك على قتله، وَيُؤَخَّرُ الجَلْدُ لِمَرَضٍ، أي إذا رُجيَ برؤه منه، لأن المقصود الردع دون القتل، والحد حينئذ معين على القتل، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ، أي ولا يؤخر إذ لا غاية تنتظر، لاَ بِسَوْطٍ، لئلا يهلك، بَلْ بِعِثْكَالٍ، أي وهو العرجون، عَلَيهِ مِائَةُ غُصنٍ، شمراخ للنص فيه في سنن أبي داود (٢٤٦)، فَإِنْ كَان خَمْسُونَ ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ، ليكون المجموع مائة، قُلْتُ: ولا يتعين العثكال بل له الضرب بالنعال وأطراف الثياب، وَتَمَسُّهُ الأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الأَلَمِ، أي فإن لم تمسَّهُ أو لم ينكبس بعضها على بعض لم يسقط الحد، وكذا إذا شكَّ أيضًا وإن كان مقتضى نصه في الإيمان السقوط، فَإنْ بَرَأَ، أي بعد أن ضرب بما ذكرناه، أَجْزَأَهُ، أي بخلاف المغصوب إذا حجّ عنه ثم اتفق برؤه، لأنَّ الحَدَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ، أما إذا بَرِئَ قبل ذلك، فإنه يحدُّ حدَّ الأصحَّاءِ لا محالة.

وَلاَ جَلْدَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ، خشية الهلاك بل يُؤَخَّرُ إلى اعتدال الوقت، وكذا القطع في السرقة بخلاف القصاص وحد القذف، وَإِذَا جَلَدَ الإِمَامُ فِي مَرَضٍ


= بِهَا، فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا].
(٢٤٦) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيْفٍ؛ أَنَّهُ أخْبَرَهُ بَعْضُ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَنْصَارِ؛ أَنَّهُ اشْتَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى أُضْنِيَ فَعَادَ جِلْدَةً عَلَى عَظْمٍ، فَدَخَلَت عَلَيْهِ جَارِيَةٌ لِبَعْضِهِمْ، فَهَشَّ لَهَا؛ فوَقَعَ عَلَيْهَا؛ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَعُودُونَهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ. وَقَالَ: اسْتَفْتُوا لِى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَإنَّي قَد وَقَعْتُ عَلَى جَاريَةٍ دَخَلَت عَلَيَّ. فَذَكَرُواْ ذَلِكَ لِرسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالُوا: (مَا رَأَيْنَا بِأحَدٍ مِنَ النَّاسِ من الضُّرَّ مِثْلَ الَّذِي هُوَ بهِ؛ لَوْ حَمَلْنَاهُ إِلَيْكَ لتَفَسَّخَتْ عِظَامُهُ، مَا هُوَ إِلَّا جِلْدٌ عَلَى عَظْمٍ [فَأمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأخُذُوا لَهُ مِائَة شِمرَاخٍ، فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً]. رواه أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب في إقامة الحد على المريض: الحديث (٤٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>