أَوْ أَرَدْتُ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ، أي وكذا هذهِ معَ هذهِ، حُكِمَ بِطَلاَقِهِمَا، لأنهُ أقرَّ بطلاقِ الأُولى ثم رجعَ وأقرَّ بطلاقِ الثانيةِ فلم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عنهُ وقُبِلَ إقرارُهُ بطلاقِ الثانيةِ، لأنهُ أَقَرَّ بِحَقِّ عليهِ، وهذا بالنسبةِ إلى الظاهرِ، أمَّا في الباطنِ فالمطلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا أو عَيَّنَهَا لا غيرَ.
فَرْعٌ: لو قال: أردتُ هذهِ ثم هذهِ أو هذه فهذهِ؛ فالأظهرُ من زوائدِ الروضةِ أنَّ الأُولى تُطَلَّقُ دُونَ الثانيةِ لاقتضاءِ الحرفينِ الترتيبَ، واعترضَ الإمامُ بأنهُ اعترَفَ للثانيةِ أيضاً فَلْيَكنْ كقولهِ: هذهِ وهذهِ، قالَ الرافعيُّ: وهو الحقُّ.
وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ وَتَعْيِيْنِ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ لِبَيَانِ الإِرْثِ، لأنهُ قد ثبتَ إرثُهُ من إحدَيْهِما بيقينٍ، فإذا بيَّنَ أو عيَّنَ لم يرِثْ من المطلَّقَةِ إنْ كانَ الطلاقُ بائناً سواءٌ قلنا يقعُ الطلاقُ عندَ اللفظِ أو عندَ التعيينِ ويرثُ من الأُخرى.
وَلَوْ مَاتَ، أي الزوجُ قبلَ البيانِ أو التعيينِ، فَالأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لاَ تَعْيْينهِ، لأنَّ البيانَ إخبارٌ يمكنُ الاطلاعُ عليه بخلافِ التخييرِ فإنهُ اختيارُ شهوةٍ فلا يخلفهُ الوارثُ فيهِ، كما لو أسلَمَ على أكثرِ من أربعِ نسوةٍ وماتَ، والقولُ الثاني: يقومُ مقامهُ مطلقاً كما في الحقوقِ، والثالث: المنعُ مطلقاً، لأنَّ حقوقَ النكاحِ لا تورَثُ، ورجَّحَ الغزاليُّ طريقةً أُخرى، وتبعَهُ الحاوي الصغيرِ فَرَاجِعْهَا في الأصلِ.
وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ، ذلك الطائرُ، غُرَاباً فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلاَّ فَعَبْدِي حُرٌّ وَجُهِلَ مُنِعَ مِنْهُمَا، أيْ من استخدامِ العبدِ والاستمتاعِ بالمرأةِ، إِلَى الْبَيَانِ، لأنهُ عَلِمَ زوالَ مِلْكِهِ عن أَحَدِهِمَا فأشبهَ طلاقَ إحدَى امْرَأَتَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأنهُ مُتَّهَمٌ في منعِ الزوجةِ من الإرثِ وإبقاءُ الرِّقِّ في العبدِ، ولأنَّ لِلْقُرعَةِ مَدْخَلاً في العتقِ، والثاني: أنهُ على الخلافِ في الطلاقِ الْمُبْهَمِ من الزوجتينِ، ولم يُرَجِّح الرافعيُّ واحداً من هذين الطريقينِ في شرحَيْهِ، وإنما ذَكَرَ أنَّ الَّذِي نَصَّ الْفُحُولُ على ترجيحِهِ أنهُ لا يقومُ مقامهُ وإنْ أثبتنا الخلافَ، وَاعْلَمْ: أنَّ المصنِّفَ أطلَقَ الخلافَ تبعاً لِلْمُحَرَّرِ وغيرهِ، وخصَّهُ السرخسِيُّ بما إذا عيَّنَ الوارثُ الْحِنْثَ في