أولاً: لقد روى جماعة غير نعيم عن أبي هريرة رواية بدون ذكر البسملة، مما يجعلنا نشك في هذه الرواية.
وثانياً: إن الحديث يذكر فعلاً لصحابي هو أبو هريرة، وفعل الصحابي ليس دليلاً، وإنما هو حكم شرعي يجوز تقليده، فلا يصمد أمام النصوص، أي الأدلة التي جاءت أفعالاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - يجب أخذها والعمل بها.
وثالثاً: أما قول أبي هريرة في آخر الحديث «إني لأشبهكم صلاةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» مما يجعل بعضهم يعطيه صفة الرفع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فغير مسلَّم به عندنا، إذ هناك فارق بين قول أبي هريرة (إني أشبهُكم صلاةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وبين أن يقول مثلاً (إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد صلى كما صليت) فالعبارة الأولى محتملة الدلالة وليست قطعية، لأن التشابه بين صلاتين غير المماثلة بينهما، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال كما هي القاعدة الأصولية.
ورابعاً: إن هذا الحديث يذكر أن أبا هريرة قد قرأ البسملة وقرأ الفاتحة، وعطف قراءة الفاتحة على قراءة البسملة بـ ثمَّ، مما يدل على المغايرة بين البسملة والفاتحة، إذ لو كانت البسملة من الفاتحة لما عطف إحداهما على الأخرى، فالحديث حجَّة على القائلين بالجهر أكثر مما هو حجة لهم.
وخامساً: إن هذا الحديث يذكر أن أبا هريرة قد قرأ البسملة دون أن يبين لنا إن كانت القراءة جهراً أو مخافتة، ونحن لا نبحث عن أدلة على قراءة البسملة هنا، وإنما نبحث عن أدلة الجهر بها، فالقراءةُ لها شئ، والجهرُ بقراءتها شئ آخر، وهذا الحديث لم يتطرق إلى مسألة الجهر، فلا يصلح دليلاً على الجهر بالبسملة بحال من الأحوال. وهكذا يتضح تماماً أن هذا الحديث لا يقوى على الصمود أمام الأحاديث الصحيحة والحسنة القائلة بالإسرار بالبسملة في الصلاة.