ولكني أعود فأُذكِّر بأنّ وقت صلاة الليل موسَّع، يبدأ عقب صلاة العشاء، وإنما أحببت فقط أن أنوِّه بوقت الفضيلة التامة، وأنها تتردد بين نصف الليل الثاني وثلث الليل الآخِر.
أما قوله سبحانه في سورة المُزَّمِّل {قُم الليْلَ إلا قَلِيْلاً. نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيْلاً. أو زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّل القُرْآنَ تَرْتِيْلاً} الآيات ٢، ٣، ٤ من السورة. وقوله سبحانه في السورة نفسها {إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُوْمُ أَدْنَىْ مِنْ ثُلُثَي الليْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِن الذِيْنَ مَعَكَ ... } الآية ٢٠ من السورة. فإن هذا القول وذاك ليس في موضوع وقت الفضيلة التامة، وإنما هو متعلق بقدر قيام الليل، فلا يتعارض هذا مع الأحاديث النبوية التي حدَّدت وقت الفضيلة التامة بنصف الليل الثاني، وبثلث الليل الآخِر، وإنما معنى ما جاء في كتاب الله سبحانه أن قيام الليل لمن شاء التطويل هو بقدر نصف الليل، وعندها يبدأ بالصلاة عند منتصف الليل، وهذا يشمل الثلث الآخر من الليل. ويكون بقدر ثلث الليل، وهذا ظاهر. ويكون بقدر ثلثي الليل، وعندها يبدأ بالصلاة عقب انصرام ثلث الليل الأول، ويستمر إلى آخر الليل، فيشمل هو الآخر ثلث الليل الآخِر. ومثله {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} فهو أيضاً يبدأ قبل منتصف الليل ويستمر حتى آخره فيدخل فيه ثلث الليل الآخِر. وهكذا فإن ثلث الليل الآخر يدخل في جميع أحواله - صلى الله عليه وسلم -، في الصلاة التي ذكرت في المزَّمِّل في الموضعين منها.