الله: ثم لم تزل الرسل تتردد بين علي ومعاوية والناس كافون عن القتال حتى انسلخ عن المحرم من هذه السنة ولم يقع بينهم صلح فأمر علي بن أبي طالب يزيد بن الحارث الجشمي فنادى أهل الشام عند غروب الشمس ألا إن أمير المؤمنين يقول لكم: إني قد استأنيتكم لتراجعوا الحق وأقمت عليكم الحجة فلم تجيبوا , وإني قد نبذت إليكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين. ففزع أهل الشام إلى أمرائهم فاعلموهم بما سمعوا المنادي ينادي فنهض عند ذلك معاوية وعمرو بن العاص فعبيا الجيش ميمنة وميسرة وبات علي يعبي جيشه من ليلته فجعل على خيل أهل الكوفة الأشتر النخعي وعلى رجالاتهم عمار بن ياسر وعلى خيل أهل البصرة سهل بن حنيف وعلى رجالاتهم قيس بن سعد وهاشم بن عتبة وعلى قرائهم سعد بن فدكي التميمي وتقدم علي إلى الناس وأمرهم أن لا يبدءوا واحداً بالقتال حتى يبدأ أهل الشام وأنه لا يذفف جريح ولا يتبع مدبر ولا يكشف ستر امرأة ولا تهان، وإن شتمت أمراء الناس وصلحاءهم، وبرز معاوية صبح تلك الليلة وقد جعل على الميمنة ابن ذي الكلاع الحميري وعلى الميسرة حبيب بن مسلمة الفهري وعلى المقدمة أبو الأعور السلمي وعلى خيل دمشق عمرو بن العاص وعلى رجالاتهم الضحاك بن قيس والتقى الجيشان أول يوم صفر وكان ذلك يوم الأربعاء فاقتتلوا ذلك اليوم قتالاً شديداً ثم رجعوا من آخر يومهم وقد انتصف بعضهم من بعض وتكافئوا في القتال ثم أصبحوا من الغد يوم الخميس وأمير حرب أهل العراق هاشم بن عتبة وأمير الشاميين يومئذ أبو الأعور السلمي فاقتتلوا قتالاً شديداً تحمل الخيل على الخيل والرجال على الرجال ثم تراجعوا من آخر يومهم وقد صبر كل من الفريقين للآخر وتكافئوا ثم خرج في اليوم الثالث وهو يوم الجمعة عمار بن ياسر من ناحية أهل العراق وخرج إليه عمرو بن العاص في الشاميين فاقتتل الناس قتالاً شديداً وحمل عمار على عمرو بن العاص فأزاله عن موقفه وبارز زياد بن النضر الحارثي وكان