للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه كان يشق الأصابع ويخرج من نفس اللحم والدم، وليس كذلك وإنما بوضعه أصابعَه فيه حلَّت فيه البركة من الله والمدد، فجعل يفور حتى خرج من بين الأصابع. وقد جرى له هذا مرارًا عديدةً بمشهد أصحابه.

وفيها: أن السنة أن يتولَّى الإقامة من تولَّى الأذان، ويجوز أن يؤذن واحد ويقيم آخر كما ثبت في قصة عبد الله بن زيد أنه لما رأى الأذان وأخبر به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألقِهِ على بلال»، فألقاه عليه، ثم أراد بلال أن يقيم فقال عبد الله بن زيد: يا رسول الله, أنا رأيت، أريد أن أقيم، قال: «فأقم»، فأقام هو وأذَّن بلال. ذكره الإمام أحمد (١).

وفيها: جواز تأمير الإمام وتوليته لمن سأله ذلك إذا رآه كفوًا، ولا يكون سؤاله مانعًا من توليته ولا يناقض هذا قوله في الحديث الآخر: «إنا لن نُولِّي على عملنا من أراده» (٢)، فإن الصُّدائي إنما سأله أن يؤمِّره على قومه خاصةً وكان مطاعًا فيهم محبَّبًا إليهم، وكان مقصوده إصلاحهم ودعاءهم إلى الإسلام، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مصلحة قومه في توليته فأجابه إليها، ورأى أن ذلك السائل إنما سأل الولاية لحظِّ نفسه ومصلحته هو فمنعه منها، فولى للمصلحة ومنع للمصلحة، فكان منعُه لله وتوليته لله.

وفيها: جواز شكاية العمالِ الظَّلَمةِ إلى الإمام والقدح فيهم بظلمهم،


(١) في «مسنده» (١٦٤٧٦)، وأخرجه أيضًا أبو داود (٥١٢) والدارقطني (٩٦٢) والبيهقي في «سننه» (١/ ٣٩٩) من حديث عبد الله بن زيد. وإسناده ضعيف. انظر: «التلخيص الحبير» (٣٠٩) و «ضعيف سنن أبي داود - الأم» (١/ ١٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٦١) ومسلم (١٧٣٣) من حديث أبي موسى بنحوه.