ونحن لا نقصد بهذا التقسيم أن نضع حداً صارماً بين كلا الاتجاهين، وإنما نهدف إلى مجرد الفصل بين صورتين لموضوع واحد في إطارين مختلفين من أطر الفكر.
فالفكر والمجتمع يمثلان اليوم الإطارين المألوفين، اللذين توضع فيهما هنا وهناك المشكلات الاجتماعية في عمومها.
ثم يحدث أن يشتمل كل إطار على اختلافات شخصية. ففي حقل البلدان الغربية اليوم نجد أن الأمريكيين هم الذين سيطروا عموماً على الاتجاهات الثقافية، وحسبنا أن نلخص للقارئ رأي مُفكرَيْن من بينهم هما:(وليام أوجبرن) و (رالف لنتون)، حتى يتسنى له أن يطلع على فكرة المدرسة الغربية، ولكي يرى مدى ما تدين لها به البلدان المتخلفة عامة والعربية خاصة.
يذهب (رالف لنتون) إلى أن الثقافة (كلٌّ) تتداخل أجزاؤه تداخلاً وثيقاً، ولكن من الممكن أن نتعرف فيه على شكل بنائي معين، أي أن نتعرف فيه على عناصر مختلفة هي التي تكون الكل.
ففي المستوى الأول يوجد مجال العموميات باعتبارها الأرض التي تمتد فيها جذور الحياة الثقافية للمجتمع، وذلك كالدين واللغة والتقاليد، تلك التي تعد المنوال الأساسي الذي يحدد نوع العقلية الخاصة بالنموذج الاجتماعي، وهو نموذج شائع في صور جميع الأفراد المنتمين لذلك المجتمع يطبع حياتهم بسلوك اجتماعي معين.
وهذا السلوك العام هو المقياس الذي يكشف عن المواقف الشاذة والاضطرابات وألوان الفساد لدى الشواذ.
والمستوى الثاني- على ما ذهب إليه (لنتون)، هو مستوى الأفكار الخاصة