الاجتماع وعلم الأجناس، وهو يدل على الحاجة إلى خطوة جديدة في طريق تحديد معنى الكلمة، للانتقال من الفكرة العفوية الموروثة عن عصر النهضة الأوربية إلى فكرة علمية جديدة.
وكان من الطبيعي أن يظل تصور (الثقافة) على ما كان عليه في عصر النهضة، أي على أنها جموع ثمرات الفكر في ميادين الفن والفلسفة والعلم والقانون ... إلخ.
بيد أن هذا التعريف التاريخي لا يتفق كثيراً مع طبيعة الفكر في القرن التاسع عشر، باعتباره قرن التشريح والتحليل الكيماوي.
فلقد كان عمل القرن التاسع عشر في أوربا متجهاً إلى تحليل الوقائع داخل العمل، أكثر من اتجاهه إلى دراستها في حجرة الدراسة أو في بطون الكتب أو في آثار التاريخ؛ وبذلك كان من الطبيعي أن تدخل فكرة (الثقافة) إلى معرفة بنائها وأجزائها وعناصر تركيبها الأولية، باستخدام طرق التشريح والتحليل.
ومن هنا نشأت محاولات تهدف إلى وضع تعريف جديد للثقافة، إذ لم يعد التعريف التاريخي الذي خلفه عصر النهضة بكاف في إقناع المنطق الجديد.
وهنا ينشأ تيار جديد وسط تقاليد الفكر الكلاسيكي وعاداته، تلك التي كانت ترى في الثقافة ميراثاً من مواريث روما وأثينا، وتفسر (النهضة) على أنها هي ذاتها (عودة التاريخ القديم).
لكن هذا الفكر الجديد يلاحظ أن فكرة (ثقافة)، تمتد لتشمل ما وراء ما أطلق عليه (الإنسانيات الإغريقية اللاتينية)، وأن معناها يتجاوز ما أنتجته قرائح الفكر الكلاسيكي من أعمال أدبية، ليضم في رحابته واقعاً اجتماعياً يتجاوز هو أيضاً حدود أوربا وليحمل بصورة عامة طابع العبقرية الإنسانية، فهذا هو