للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل لرأيت ما يَسُرُّكَ. وفي القرآن (١٣: ٣٠) {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى - ثم قال - بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} فخبره عند المفسّرين (لكان هذا القرآن) وكان جوابَ قولهم {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} وعلى حذف الخبر كقول (كذا) الراجز:

لو قد حداهن أبو الجُوْدِيِّ ... برجز مُسْحَنِفْرِ الرويِّ (١)

مُسْتَوياتٍ كنوَىَ البَرْنِيِّ

وقال (٢):

إن مَحَلًّا وإن مُرْتَحَلا ... [وإنَّ في السَفْر إذ مَضَوْا مَهَلا]

يريد أن لنا فحذف لعلم السامع. وكل شيء جاء في القرآن {وَمَا يُدْرِيكَ} فغير مشروح خبره. فمن ذلك (٣٣: ٦٦) {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (٨٠: ٣) {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}. وأما قوله (٣١: ٣٤) {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ} فليس من هذا لأن "ما" ها هنا نافية وما قبله كان استفهامًا.

وفي القرآن مختصرات فإن مجاز كلام للعرب يحذف كثيرًا من الكلام إذا كان فيما يَبْقَى دليل على ما يُلْقى فمن ذلك (١٢: ٨٢) {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [........] وَالْعِيرَ} لمّا كانت القرية والعير لا يُسألان ولا يجيبان عُلم أن المطلوب غيرهما. ولا يجوز على هذا جاء زيد وأنت تريد غلام زيد لأن المجيء يكون له (٣) ولا دليل في مثل هذا على المحذوف. ومثل الأول قوله (٢: ١٧٢) {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} أي ولكن البارَّ (٤) من آمن بالله لأن البِّر لا يكون البار. نظيره للنابغة:

وقد خفتُ حتى ما تزيد مخافتي ... على وَعلِ في ذي الفَقارة عاقل (٥)


= وتمام البيت: ثِمال اليتامي عصمةً للأرامل
انظر السيرة بهامش الروض ١: ١٧٧ وطبعة ووستنفلد ١٧٤ والخزانة ١: ٢٥٧ وقد سردا الكلمة بطولها.
(١) الرجز يوجد في الضرائر ٢٠٣ من غير عزو. وفي الخزانة: (١٧١٣) معزوًّا إلى أبي الجودي الراجز.
(٢) الأعشى من قصيدة معروفة توجد في الأغاني الثانية ٨: ٨٢ وشرح شواهد المغني. وانظر البيت في الصاحبي ١٠٢ والكتاب ١: ٢٨٤.
(٣) يريد أن المجيء يكون للغلام كما أنه يكون لمولاه زيد.
(٤) كان في الأصل هنا البرير وفيما يتلوه البارّ. ولكن البرير لم أجده صفة.
(٥) يوجد في ديوانه مما أغفله الوزير البطليوسي وروايته في ذي المَطارة وفي نسخة في ذي المُطارة =

<<  <  ج: ص:  >  >>