للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بلا إذْنٍ، ولا مُضِيِّ مُدَّةِ إمْكانِه، ولا يرْجِعُ فيهما أحدٌ. وقيل: إلَّا الأبُ. وقيل: بل يرْجِعُ في الصَّدَقَةِ فقط على وَلَدِه الرَّشيدِ، إنْ كان قبَضَها، وعلى الصَّغِيرِ فيما له بيَدِه منها. انتهى. ونقَل حَنْبَلٌ، والمَرُّوذِيُّ، لا رُجوعَ في الصَّدَقَة. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهما: لا يُعْتَبرُ في الهَدِيَّةِ قبولٌ للعُرْفِ، بخِلافِ الهِبَةِ. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ولا رُجوعَ فيهما لأحَدٍ، سِوَى أبٍ.

فوائد؛ إحْداها، وعاءُ الهَدِيَّةِ مع العُرْفِ، فإنْ لم يَكُنْ عُرْفٌ، ردَّه. قاله في «الفُروعَ». قال الحارِثيُّ: لا يدْخُلُ الوعاءُ إلَّا ما جرَتِ العادَةُ به، كقَوْصَرَّةِ (١) التَّمْرِ، ونحوها. الثانيةُ، قال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ قصَد بفِعْلِه ثوابَ الآخِرَةِ فقط، فهو صدَقَةٌ. وقيل: مع حاجَةِ المُتَّهِبِ. وإنْ قصَد بفِعْلِه إكْرامًا وتوَدُّدًا وتحَبُّبًا ومُكافَأةً، فهو هَدِيَّة. قال الحارِثِيُّ: ومِن هنا اخْتَصَّتْ بالمَنْقُولاتِ؛ لأنَّها تُحْمَلُ إليه، فلا يُقالُ: أهْدَى أرْضًا، ولا دارًا. انتهى. وغيرُهما هِبَة وعَطِيَّةٌ ونِحْلَةٌ. وقيل: الكل عَطِيَّة، والكُلُّ مَنْدوب. انتهى. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: الهِبَةُ، والصَّدَقَةُ، والنِّحْلَةُ، والهَدِيَّةُ، والعَطِيَّةُ، مَعانِيها مُتَقارِبَة، واسْمُ العَطيَّةِ شامِلٌ لجِمِيعِها، وكذلك الهِبَةُ. والصَّدَقَةُ والهَديَّةُ مُتَغايران؛ فإنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأْكُلُ مِنَ الهَبَةِ دُونَ الصَّدَقَةِ (٢). فالظَّاهِرُ أنَّ مَن أعْطَى شيئًا يتَقَرَّبُ به إلى اللهِ تعالى للمُحْتاجِ، فهو صَدَقَةٌ، ومَن دفَع إلى إنْسانٍ شيئًا للتَّقَرُّب إليه والمَحَبَّةِ له، فهو هَدِيَّة. وجميعُ ذلك مَنْدوبٌ إليه،


(١) القوصرّةُ: وعاء للتمر.
(٢) تقدم تخريجه في ٧/ ٢٩٧.