عن أحمدَ تصْريحًا بأنَّه لا يصحُّ قَبْضُ غيرِ الوَلِىِّ مع عدَمِه، مع أنَّه المشْهورُ فى المذهبِ. وذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، أنَّه لا يعْلَمُ فيه خِلافًا، ثم ذكَر أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه يصِحُّ قبْضُ مَن يلِيه، مِن أُمٍّ أو قَريبٍ وغيرِهما، عندَ عدَمِ الوَلِىِّ؛ لأنَّ حِفْظَه مِنَ الضَّياعِ والهَلاكِ أوْلَى مِن مُراعاةِ الوِلايةِ. انتهى. وذكَر المَجْدُ، أنَّ هذا مَنْصوصُ أحمدَ. نقَل هارُونُ الحَمَّالُ فى الصِّغارِ، يُعْطَى أوْلِياؤُهم. قلت: ليس لهم وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى مَن يُعْنَى بأمْرِهم. ونَقَل مُهَنَّا، فى الصَّبِىِّ، والمَجْنونِ، يَقْبِضُ له وَلِيُّه. قلتُ: ليس له وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى الذى يقومُ عليه. وذكَر المَجْدُ نصًّا ثالِثًا بصِحَّةِ القَبْضِ مُطْلَقًا. قال بَكْرُ بنُ محمدٍ: يُعْطِى مِنَ الزَّكاةِ الصَّبِىَّ الصَّغيرَ؟ قال: نعم، يُعْطِى أَبَاه أو مَن يقومُ بشَأْنِه. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» هذه الرِّوايَةَ، ثم قال: قلتُ: إنْ تعَذَّرَ، وإلَّا فلا.
فائدة: يصِحُّ مِنَ المُمَيِّزِ قبْضُ الزَّكاةِ والهِبَةِ والكفَّارَةِ ونحوِها. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقال: على ظاهرِ كلامِه. قال المَرُّوذِىُّ: قلتُ لأحمدَ: يُعْطِى غُلامًا شِيئًا مِنَ الزَّكاةِ؟ قال: نعم، يدْفَعُها إلى الغُلامِ. قلتُ: فإنِّى أخافُ أنْ يُضَيِّعَه. قال: يدْفَعُه إلى مَن يقومُ بأمْرِه. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ والحارِثِىِّ. قال فى «الفُروعِ»: والمُمَيِّزُ كغيرِه. وعنه، ليس أهْلًا لقَبْضِ ذلك. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا، المَنْعُ مِن ذلك، وأنَّه لا يصِحُّ قبْضُه بحالٍ. قال: وقد صرَّح به القاضى فى «تَعْليقِه»، فى كتابِ المُكاتَبِ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصُور. انتهى. قال فى «القَواعدِ الأُصُوليَّةِ»: فى المَسْألَةِ رِوايَتان؛ أشْهَرُها، ليس هو أهْلًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ، وأبْدَى فى «المُغْنِى» احْتِمالًا، أنَّ صِحَّةَ قبْضِه تقِفُ على إذْنِ الوَلِىِّ دونَ القَبولِ.