الثَّانيةُ، حيثُ أجَزْنا له التَّحَرِّى، فَتَحَرى فلم يظُنَّ شيئًا، قال في «الرِّعاية الكُبْرَى»: أراقَهما أو خَلَطَهُما بِشرطِه المذْكور. انتهى. قلتُ: فلو قيل بالتَيّمَّمِ مِن غيرِ إراقةٍ ولا خَلْطٍ لَكان أوْجَه، بل هو الصَّوابُ؛ لأنَّ وُجودَ الماءِ المُشْتَبَهِ هنا كعَدَمِه.
تنبيه: محَلُّ الخلافِ إذا لم يكُنْ عنده طَهُورٌ بيَقين، أمَّا إذا كان عنده طَهُورٌ بيقين فإنَّه لا يَتَحَرَّى، قوْلًا واحدًا. ومحَلُّ الخِلافِ أيضًا، إذا لم يُمكِنْ تَطْهيرُ أحَدِهما بالآخَرِ، فإنْ أمكَن تَطْهِيرُ أحَدِهما بالآخَرِ، امتنعَ مِن التَّيمُّمِ. قاله الأصحابُ؛ لأنَّهم إنَّما أجازُوا التيَمُّمَ هنا بشَرطِ عَدَمِ القدرةِ على اسْتِعْمالِ الطَّهُورِ، وهنا هو قادرٌ على اسْتِعمالِه، مِثالُه أن يكونَ الماءُ النَّجِسُ دونَ القُلَّتَين بيَسير، والطهورُ قُلَّتان فأكْثَرُ بيَسيرٍ، أوْ يكونَ كُلُّ واحدٍ قُلَّتَين فأكثَرَ، ويَشْتَبِهُ. ومَحَلّ الخلافِ أيضًا، إذا كان النَّجِسُ غيرَ بَول، فإنْ كان بَوْلًا لم يَتَحَرَّ، وجْهًا واحدًا. قاله في «الكافِي»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهما. الثَّالثةُ، لو تَيَمَّمَ وصَلَّى، ثم عَلِمَ النَّجِسَ، لم تَلْزمه الاعادةُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: تَلْزَمُه. ولو تَوَضَّأ من أحَدِهما مِن غيرِ تحَرٍّ، فبَانَ أنَّه طَهُورٌ، لم يَصِحَّ وُضوؤهُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: يَصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الحاوي الكبير»، و «الفائقِ». الرابعةُ، لو احتاجَ إلى الشربِ، لم يَجُزْ مِن غيرِ تَحَرٍّ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، يجوزُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروع» ومتى شَرِبَ ثم وجدَ ماءً طاهرًا، فهل يجبُ غَسْلُ فمِه؟ على وَجْهين؛ جزَم في «الفائقِ» بعدَمِ الوُجوب. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحرَين». وقدَّمَه في «الحَاوى الكبير». وقدَّمَ في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، وُجوبَ الغَسْلِ. وأطْلقَهما «ابن تميم»، و «الفُروعِ». الخامسةُ، الماءُ المُحَرَّم عليه اسْتعمالُه كالماءِ النَّجِسِ، على ما تَقَدَّمَ على الصَّحيح من المذهب. وقيل: يَتَحَرى هنا. وَيحتَمِلُ أن يتَوضأ مِن كُلِّ إناء وُضوءًا، ويُصَلِّي بهما ما شاء. ذكره في «الرّعاية».