للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُذْهَبِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم، هل يُشْتَرَطُ في حُضورِ الخَصْمِ أنْ يعْلَمَ أنَّ لِما ادَّعاه الشَّاكِي أصْلًا، أمْ لا؟ ولم يَذْكُروا تحْرِيرَ الدَّعْوَى، فالظَّاهِرُ أنَّ هذه مسْألَةٌ وهذه مسْأَلَةٌ. فعلى القَوْلِ بأنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يعْلَمَ أنَّ لِما ادَّعاه أصْلًا، يُحْضِرُه، لكِنَّ في اعْتِبارِ تحْرِيرِ الدَّعْوى قبلَ إحْضارِه الوَجْهَين. وذكَرهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى» مسْأَلَتَين، فقال: وإنِ ادَّعَى على حاضِرٍ في البَلَدِ، فهل له أنْ يُحْضِرَه قبلَ أنْ يعْلَمَ أنَّ بينَهما مُعامَلَةً فيما ادَّعاه؟ على رِوايتَين، وإنْ كان بينَهما مُعامَلَةٌ، أحْضَرَه أو وَكِيلَه. وفي اعْتِبارِ تحْريرِ الدَّعْوى لذلك قبلَ إحْضارِه وَجْهان. انتهى. وهو الصَّوابُ. وذكَرَ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» و «الحاوي الصَّغِيرِ» المَسْألَةَ الثَّانيةَ طريقَةً.

فائدتان؛ إحْداهما، لا يُعْدَى حاكمٌ في مِثْلِ ما لا تَتْبَعُه الهِمَّةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: ولا يَنْبَغِي للحاكمِ أنْ يسْمَعَ شَكِيَّةَ أحَدٍ إلَّا ومعه خَصْمُه، هكذا وَرَدَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١).


(١) وهو ما جاء في حديث علي - رضي الله عنه - عندما بعثه النبي إلى اليمن فقال له: «إذا جلس بين يديك خصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء».
أخرجه أبو داود، في: باب كيف القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٧٠. والترمذي، في: باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما، كتاب الأحكام. عارضة الأحوذي ٦/ ٧٢. وابن ماجه، في: باب ذكر القضاء، من كتاب الأقضية. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٧٤. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٩٠.