للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَجْهَين. حكاهُما أبو حَسَنِ ابنُ الغَازِيّ (١) تلميذُ الآمِديِّ، وذكَر أنَّ ظاهرَ كلامِ الأصحاب، أنَّه غَسلةٌ واحدةٌ. وفي «شَرْحِ المذهبِ» للقاضي، أنّ كلامَ أحمدَ يدُلُّ عليه. وكذلك لو كان ثَوْبًا ونحوَه وعَصَره عَقِيبَ كُلِّ جِرْيَةٍ. ومنها، لو انْغمَسَ المُحْدِثُ حدَثًا أصْغَرَ في ماءٍ جارٍ للوُضوءِ، ومَرَّتْ عليه أرْبَعُ جِرْياتٍ مُتَواليةٍ، فهل يَرْتَفعُ بذلك حَدَثُه أم لا؟ على وَجْهَين، أشْهَرُهما عندَ الأصحاب؛ أنَّه يَرْتَفِعُ. وقال أبو الخطَّابِ في «الانْتِصارِ»: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يرْتَفِعُ؛ لأنَّه لم يُفرِّقْ بينَ الرَّاكِدِ والجارِى. قال ابنُ رَجَبٍ: قلتُ: بل نَصَّ أحمدُ على التَّسويةِ بَينَهما في رواية محمدِ بنِ الحَكَمِ (٢)، وأَنَّه إذا انْغَمَس في دِجْلَةَ فإنَّه لا يرْتَفعُ حدَثُه حتى يَخْرُجَ مُرَتبًا. ومنها، لو حلَف لا يَقِفُ في هذا الماءِ، وكان جارِيًا، لم يَحْنَثْ عندَ أبي الخطَّابِ وغيرِه. وقال ابنُ رَجبٍ: وقِياسُ المنصوصِ أنَّه يَحنَثُ، لاسِيَّما والعُرْفُ يشهَدُ له. والأيمانُ مَرْجِعُها إلى العُرْف. وقاله القاضي في «الجامع الكَبِير».

فوائد؛ إحداها، الجِرْيَةُ ما أحاطَ بالنَّجاسةِ فوقَها وتحتَها ويَمْنَةً ويَسْرَةً. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه أكثَرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وزاد المُصَنِّفُ، ما انْتشَرَتْ إليه عادةً أمامَها ووَراءَها. وتابَعَه الشَّارِحُ، فجزَم به هو وابنُ رَزينِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: فالجِرْيَةُ ما فيه النجاسةُ، وقَدْرُ مساحَتِها فوقَها وتحتَها، ويَمْنَتَها ويَسْرَتَها. نقَله الزَّرْكَشِيُّ. الثَّانيةُ، لو امْتَدَّتِ النجاسةُ فما في كُل جِرْيَةٍ نجاسةٌ مُنفَرِدةٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ، وجَزَما به، وابنُ رَزينِ في «شَرْحِه». وقيل: الكُلُّ نجاسةٌ واحدةٌ. وأطلَقَهما في


(١) محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الغازي، البدليسي، أبو الحسن، أحد الفقهاء الأعيان، تفقه، وبرع في الفقه، وسمع، وتفقه عليه طائفة. ذكره ابن رجب في وفيات المائة السادسة. في ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٧١.
(٢) محمد بن الحكم، أبو بكر، الأحول، كان خاصًّا بأبي عبد الله، وكان له فهم سديد، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين. طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٥.