انْفصَل قبلَ زَوالِها غيرَ مُتَغَيِّرٍ، وكان دُونَ القُلَّتَينِ، انْبَنَى على تَنْجيسِ القَليلِ بمُجَرَّدِ مُلاقاةِ النَّجاسةِ، على ما يأتِي في أوَّلِ الفصلِ الثَّالث. وقيل بطَهارتِه على مَحَلٍّ نَجِسٍ مع عدَمِ تَغَيُّرِه؛ لأنَّه وارِدٌ. واختارَه في «الحاوي الكبير»: ذكَره في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ؛ لأنَّه لو كان نَجِسًا لمَا طَهَّر المَحَلَّ، لأنَّ تَنْجِيسَه قبلَ الانْفِصالِ مُمْتَنِعٌ، وعَقِيبَ الانْفِصالِ مُمْتَنِعٌ؛ لأنَّه لم يتَجَدَّدْ له مُلاقاةُ النَّجاسةِ.
قوله: وإنِ انْفَصَلَ غيرَ مُتَغيِّرٍ بعدَ زوالِها، فهو طاهِرٌ. إن كان المَحَلُّ أرْضًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: ولا خِلافَ بينَ الأصحابِ في طهارةِ هذا في الأرض. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «ابنِ تميمٍ»، وغيرهم. وذكَر القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَينِ وَجهًا، أنَّ المُنْفَصِلَ عن الأرضِ كالمُنْفَصِلِ عن غيرِها في الطَّهارةِ والنَّجاسةِ. وحَكاه ابنُ البَنَّا في «خِصَالِه» روايةً. قلتُ: وهو بعيدٌ جدًّا. وعنه، طهارةٌ مُنْفَصِلَةٌ عن أرضٍ أعيانُ النَّجاسةِ فيه مُشاهَدة.