للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرَّجُلانِ، فكُلُّ واحِدٍ منهما بالخِيارِ». [فجعلَ لهما الخِيارَ] (١) بعدَ تَبَايُعِهما، وقال: «وإنْ تَفَرَّقَا بعدَ أَنْ تَبايَعَا، ولم يَتْرُكْ أحَدُهما البَيْعَ، فقد وَجَبَ البَيْعُ». الرابعُ، أنَّه يَرُدُّه تَفْسِيرُ ابنِ عمرَ للحَدِيثِ بفِعْلِه، فإنَّه كان إذا بايَعَ رَجُلًا مَشى خُطُوَاتٍ؛ ليَلْزَمَ البَيْعُ (٢). وتَفْسِيرُ أَبِى بَرْزَةَ، بقَوْلِه مِثلَ قَوْلِنا، وهما رَاويا الحَدِيثِ، وأعْلَمُ بمَعْنَاهُ. وقوْلُ عمرَ: البَيْعُ صَفْقَةٌ أو خِيارٌ. معناه، أنَّ البَيْعَ يَنْقَسِمُ إلى بَيْع شُرِطَ فيه الخِيارُ، وبَيْعٍ لم يُشْتَرَطْ فيه، سَمَّاهُ صَفْقَةً لقِصَرِ مُدَّةِ الخِيارِ فيه؛ لأَنَّه قد رَوَى عنه (٣) الجُوزْجَانِىُّ مِثلَ مَذْهَبِنا، ولو أَرَادَ ما قَالُوه، لم يَجُزْ أَنْ يُعارَضَ به قَوْلُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّه لا حُجَّةَ في قَوْلِ أحَدٍ مع قَوْلِ رسولِ اللَّهَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أنَّ قَوْلَ الصَّحَابِىُّ لا يُحْتَجُّ به إذا خالَفَه غيرُه مِن الصَّحَابَةِ، وقد خالَفَه ابنُه، وأبو بَرْزَةَ، وغيرُهما. ولا يَصِحُّ قِياسُ البَيْعِ على النِّكاحِ؛ لأَنَّ النِّكاحَ لا يقَعُ إلَّا بعد رُؤْيَةٍ ونَظَرٍ غالِبًا، فلا يَحْتَاجُ إلى الخِيارِ بَعْدَه. ولأنَّ في ثُبوتِ الخِيارِ فيه مَضَرَّةً، لِما يَلْزَمُ مِن رَدِّ المَرْاةِ بعد ابْتِذالِها بالعَقْدِ، وذَهابِ حُرْمَتِها بالرَّدِّ، وإلْحاقِها بالسِّلَعِ المَبِيعَةِ، فلم يَثْبُتِ الخِيارُ لذلك، ولهذا لم يَثْبُتْ فيه خِيارُ الشَّرْطِ، ولا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. والحُكْمُ في


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه البخارى، في: باب كم يجوز الخيار، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٨٣. ومسلم، في: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين. من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٦٤.
(٣) في م: «عن».