قالوا: وقد قال الله تعالى:} فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول {وقال:} ويتبع غير سبيل المؤمنين {، وهذه سبل لبعض المؤمنين.
وقال شيخنا أبو بكر: وعلى هذا معنى السلف الصالح من أمة نبينا صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم إلى هذا العصر، ولم يحك عن أحد فيما طريقه الاجتهاد أنه قال لمن خالفه: اتبعني في الاجتهاد ودع اجتهادك من غير حجة يقيمها له أو برهان يبرهنه.
قال: ولأن طريق الاستدلال مبذول مفتوح لأهل العلم لجعلهم الله فيه شرعًا واحدًا، وإن كان قد فضل بعضهم على بعض في الفهم فلا يجب أن يكون حجة عليه.
قالوا: فأما ما تعلقوا به من معرفتهم بأسباب التأويل وطرق الدلالة: فالأمر فيه على ما قالوه، ولكنه يصلح أن يرجح به اجتهادهم.
وقولهم: إن ذلك محمول على أنه توفيق من علمهم بنسخ أو تخصيص: فبإزائه أن يقال ذلك في اجتهاد غيرهم.
فإن قالوا: فهذا ينقض ما عليه كافة فقهاء أصحابنا من ثبوت المزية لهم على غيرهم، وفضيلتهم بالمشاهدة، واختصاصهم بالقرب والمعاينة على من نأى ولم يشاهد واعتمد على خبر ينقل إليه دون المعاينة.
قلنا: ليس الأمر كذلك؛ بل كل هذه المزية ثابتة في الترجيح