للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادرًا ممن يجوز عليه الجهل، أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله - عز وجل - فوجب قبول خبره على ما أخبر به.

وهكذا نقول فيما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله - تعالى -؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس بربه، وأصدقهم خبرًا، وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بيانًا، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه.

والصفات السلبية: ما نفاها الله - سبحانه - عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكلها صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب؛ فيجب نفيها عن الله تعالى - لما سبق - مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل (١)، وذلك:

١ - لأن ما نفاه الله - تعالى - عن نفسه؛ فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال، إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال؛ وذلك لأن النفي عدم، والعدم ليس بشيء، فضلًا عن أن يكون كمالًا (٢).

٢ - ولأن النفي قد يكون:


(١) مجموع الفتاوى (١٦/ ٩٩ وَ ١٧/ ١٠٧ - ١٠٩، ١٤٢ - ١٤٥، ٣٢٥ - ٣٢٦، ٤٤٩)، شرح الرسالة التدمرية (ص ٥١ - ٨٤، ١٨٢ - ١٨٥، ١٩٩)، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية (ص ٤٢).
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في التدمرية (ص ١٨٤): وينبغي أنْ يُعْلَم أنَّ النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال؛ لأن النفي المحض عدمٌ محض، والعدم المحض ليس بشيء ... .

<<  <   >  >>