عباس كذلك لأنه لو أراد أنها ليست بسنة لكان قد ناقض في كلامه لقوله (وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها وقراءته الآية {الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وقوله- (كان داود ممن أمر نبيكم أن يقتدي به فسجدها داود؛ فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) - يدل على أنه أراد بعزائم السجود ما وجب منها والمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤمر بها ولم يأته فيها توقيف من ربه وإنما أمر أن نقتدي بمن سمي له في الآيات التي بعد قوله {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} إلى قوله {فبهداهم اقتده} فلما ذكر له سجد داود سجدها استحبابا لموافقته وايثارا لهديه.
(ومن الحسان)
[٧٠٧] حديث عقبة بن عامر: (قلت: يا رسول الله! فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين ...) الحديث؛ قوله في هذا الحديث:(فلا يقرأها) كذا وجدناه في نسخ المصابيح، بإعادة الضمير إلى السورة خلط والصواب في الرواية يقرأهما بإعادة الضمير إلى السجدتين، وعلى هذا الوجه روي في كتاب أبي داود وأبي عيسى وغيرهما من كتب أصحاب الحديث. ووجه النهي عن قراءتهما- والله أعلم- أن السجدة شرعت في حق التالي بتلاوته، والإتيان بها من تمام التلاوة وحقها، فإذا كانت بصدد التضييع فالأولى به تركها؛ لأنها لا تخلو إما أن تكون واجبة فيتأثم بتركها، أو سنة فيستضر بالتهاون بها.
أما المعنى قد بيناه، وأما الحديث ففيه كلام، وليس هو من جملة الأحاديث التي يصح الاحتجاج بها، لضعف إسناده، فإنه مخرج عن عبد الله بن لهيعة قاضي مصر وهو ضعيف عندهم وقد روي عن بعض الصحابة أنهم رأوا في الحج سجدتين، وقد روي في حديث عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أقرأه خمس عشرة سجدة، وهو حديث غريب.
[٧١١] ومنه: حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة.