أشب خليع العذار، مرفوض الرباط، ملفوظ اللجام، اللهم فاجزهما عني خير ما جزيت والدا عن ولده، وآنس وحشتهما، وارحم غربتهما، وكما رفعتني ببركة دعائهما عن حضيض الهوان، فأعد عليهما دعائي بالرحمة والرضوان. واجز عنا أئمة الإسلام وأعلام الطريقة خيرا، لاسيما من علمنا وأدبنا ونصحنا فيك، وهدانا إليك، وأخلفنا في أولادنا وذرياتنا، فاسلك بهم الصراط المستقيم، وأرهم سبيل المتقين، واجعلهم من عبادك الصالحين وعن نشأ منهم-عياذا بك- من يرغب عن الكتاب والسنة، ويتبع غير سبيل المؤمنين، فأنا أبرأ إليك من خلالته، وأتقرب إليك بعداونه، وأشهدك اللهم، أني سلم لمن سالمته، حرب لمن حاربته. اللهم إنك تعلم أن ما أضمره قلبي أكثر مما أظهره لساني. اللهم، واهد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى البيضاء النقية، التي بها، وثبتهم عليها، ووفقهم لانتهاج سبل الرشاد، وانصر الذابين عن حقيقة الإسلام القائمين بأمرك دون حوزته وحماه، ولا تجعلهم نهزة للطالب، وفرصة للمحارب، وارفع ألوية الهدى، ونكس بنود الضلال، وأيقظنا وسائر إخواننا عن سنتنا، ونبهنا عن رقدتنا، ولا تدعنا غائب الشخص نائم القلب، ذاهب العقل، إنك أنت المنعم المنان.
قال المصنف- رحمه الله- وقع الفراغ من إنشاء هذا الكتاب في آخر جزء من آخر النهار من يوم الجمعة السادس من صفر ستين وستمائة، والحمد لله رب العالمين، وصلوات الله على سيد المرسلين محمد وعلى آله. هذا آخر كلامه، وأنا أقول: وقع الفراغ من كتابته بعد العصر من يوم الإثنين السادس والعشرين لشعبان المكرم بمكة المشرفة [المبركة] برباط ربيع، على يد مالكه يوسف بن محمد المالكي [البارساى] سنة ٨١١ هـ وهذه النسخة سادس نسخة كتبتها من هذا التأليف، رحم الله مصنفه، وغفر لمالكه ولوالديه وللمسلمين أجمعين، ولله الحمد والمنة وأسأله التوفيق.
الحمد لله رب العالمين
بعث شارح هذا الكتاب- تغمده الله برحمته- بأجزاء من هذا الشرح إلى الإمام مجد الدين إسماعيل، بعد أن كتب على ظاهرها:
بعثت إلى بحر العلوم بضاعة .... من العلم مزجاة، أوان كسادها
ولا شك أن ينفى العوار بفضله ... فلا يطعمن ذو نيرب في فسادها
فأجابه الإمام مجد الدين إسماعيل- سقى الله ثراه:
جمعت إمام الحق فيها فرائدا .... يفوز بها الطلاب عند ارتيادها
فليس يرى من كان العلم راسخا .... سوى الذهب الإبريز حين انتقادها