حسنة وفي الآخرة حسنة) وهذا أولى الأذكار في مشاهد النسك، لقول الله عز وجل {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا. فمن الناس من يقول. رببنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق. ومنهم من يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، أولئك لهم نصيب مما كسبوا}.
ولا ينبغي للطائف أن يحدث غيره في طوافه، ولا أن يتكلم بأمر الدنيا، ولا أن يضخك أو يلهو، ولا أن يخطر بقلبه شيء سوى ما فيه من النسك، ويعتقد أن طوافه قربة إلى ربه، وأن يحرص على أدائه وإتيانه من جميع جهاته، لئلا يكون هجر وجهًا منه مع استواء الجهات في أنها قبلة للمسلمين في الصلوات. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إنما جعل الطواف والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان من الدعاء الذي يتبركه إذا مشى بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود: اللهم متعني بما رزقني، وبارك لي فيه واخلف على كل عائبة لي بخيره، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إنما الطواف بالبيت صلاة، فإذا طفتم فاملوا الكلام). وعنه صلى الله عليه وسلم:(من نطق فلا ينطق إلا بخير). وقال عطاء: طفت خلف ابن عباس وابن عمر، فما سمعت واحدًا منهما متكلمًا حتى فرغ من طوافه، وسئل سفيان بن عيينة عن القراءة في الطواف فقال: سبح وكبر واذكر الله، فإذا فرغت من طوافك فاقرأ ما شئت، وقرأ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم. وقال إنما هي رحمة أن جعله صلاة بغير قراءة. وليس ينبغي لك أن تحمل على نفسك ما لم يحمله الله.
وقال عطاء: القراءة في الطواف محببة. وقال الشافعي رحمه الله: استحب القراءة في الطواف والقراءة أفضل ما تكلم به المرء، وما قاله غيره أدل. لأنه لو كانت القراءة أفضل في ذلك المقام لما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الأفضل لغيره. ولو قرأ لنقل كما أنقل الذكر غيره.